بنبيهم وهذا كقوله تعالى " ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط " الآية وقال بعض السلف هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث لان إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن زيد بكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع واختاره ابن جرير، وروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: بكتبهم فيحتمل أن يكون أراد هذا وأن يكون أراد ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله " يوم ندعوا كل أناس بإمامهم " أي بكتاب أعمالهم وكذا قال أبو العالية والحسن والضحاك وهذا القول هو الأرجح لقوله تعالى " وكل شئ أحصيناه في إمام مبين " وقال تعالى " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه " الآية ويحتمل أن المراد بإمامهم أي كل قوم بمن يأتمون به فأهل الايمان ائتموا بالأنبياء عليهم السلام وأهل الكفر ائتموا بأئمتهم كما قال " وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار " وفي الصحيحين " لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت " الحديث وقال تعالى " وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته فإنه لا بد أن يكون شاهدا على أمته بأعمالها كقوله تعالى " وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء " وقوله تعالى " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " ولكن المراد ههنا بالامام هو كتاب الأعمال ولهذا قال تعالى " يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم " أي من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح يقرؤه ويحب قراءته كقوله " فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه - إلى قوله - وأما من أوتي كتابه بشماله " الآيات وقوله تعالى " ولا يظلمون فتيلا " قد تقدم أن الفتيل هو الخيط المستطيل في شق النواة. وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا في هذا فقال: حدثنا محمد بن يعمر ومحمد بن عثمان بن كرامة قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى " يوم ندعوا كل أناس بإمامهم " قال " يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون اللهم آتنا بهذا وبارك لنا في هذا فيأتيهم فيقول لهم أبشروا فإن لكل رجل منكم مثل هذا، وأما الكافر فيسود وجهه ويمد له في جسمه ويراه أصحابه فيقولون نعوذ بالله من هذا أو من شر هذا اللهم لا تأتنا به فيأتيهم فيقولون اللهم اخزه فيقول أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا " ثم قال البزار لا يروى إلا من هذا الوجه، وقوله تعالى " ومن كان في هذه أعمى " الآية، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد " ومن كان في هذه " أي في الحياة الدنيا " أعمى " أي عن حجة الله وآياته وبيناته " فهو في الآخرة أعمى " أي كذلك يكون " وأضل سبيلا " أي وأضل منه كما كان في الدنيا عياذا بالله من ذلك.
وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا (73) ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (74) إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا (75) يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه وناصره ومؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا (76) سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا (77)