قال ابن أبي نجيح عن مجاهد وقاله الحسن البصري، وقال قتادة هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة وأول شافع، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تعالى " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم تشريفات يوم القيامة لا يشركه فيها أحد، وتشريفات لا يساويه فيها أحد فهو أول من تنشق عنه الأرض ويبعث راكبا إلى المحشر وله اللواء الذي آدم فمن دونه لوائه، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا منه، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق وذلك بعد ما تسأل الناس آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى فكل يقول لست لها حتى يأتوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول " أنا لها، أنا لها " كما سنذكر ذلك مفصلا في هذا الموضع إن شاء الله تعالى، ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار فيردون عنها وهو أول الأنبياء يقضي بين أمته وأولهم إجازة على الصراط بأمته وهو أ ول شفيع في الجنة كما ثبت في صحيح مسلم. وفي حديث الصور أن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته وهو أول داخل إليها وأمته قبل الأمم كلهم، ويشفع في رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم وهو صاحب الوسيلة التي هي أعلى منزلة في الجنة لا تليق إلا له، وإذا أذن الله تعالى في الشفاعة للعصاة شفع الملائكة والنبيون والمؤمنون فيشفع هو في خلائق لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى ولا يشفع أحد مثله ولا يساويه في ذلك، وقد بسطت ذلك مستقصى في آخر كتاب السيرة في باب الخصائص ولله الحمد والمنة، ولنذكر الآن الأحاديث الواردة في المقام المحمود وبالله المستعان. قال البخاري حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا أبو الأحوص عن آدم بن علي سمعت ابن عمر يقول: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله مقاما محمودا. ورواه حمزة بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن جرير حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا شعيب بن الليث ثنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال:
سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الاذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم فيقول لست بصاحب ذلك، ثم بموسى فيقول كذلك، ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيشفع بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا " وهكذا رواه البخاري في الزكاة عن يحيى بن بكير وعلقمة عن عبد الله بن صالح كلاهما عن الليث بن سعد به. وزاد فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم. قال البخاري: وحدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة " انفرد به دون مسلم. " حديث أبي بن كعب " قال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر الأزد ي حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة كنت إمام الأنبياء وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر " وأخرجه الترمذي من حديث أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي وقال حسن صحيح. وابن ماجة من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل به، وقد قدمنا في حديث أبي بن كعب في قراءة القرآن على سبعة أحرف قال صلى الله عليه وسلم في آخره " فقلت اللهم اغفر لامتي اللهم اغفر لامتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام ". " حديث أنس بن مالك " قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سعيد بن أبي عروبة حدثنا قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيلهمون ذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فأراحنا من مكاننا هذا فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شئ فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول لهم آدم لست هناكم ويذكر ذنبه الذي أصاب فيستحيي ربه عز وجل من ذلك ويقول ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئة سؤاله ربه ما ليس