ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث والعجب كل العجب كيف راج عليه مع جلالة قدره وإمامته وقد صرح شيخنا الحافظ العلامة أبو الحجاج المزي رحمه الله بأنه موضوع مكذوب. وكتب ذلك على حاشية الكتاب. وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر تطويل الكتاب بذكرها لان منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ونحن في غنية عنها ولله الحمد. وفيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله ولم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم. وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوهم فاستباح بيضتهم وسلك خلال بيوتهم وأذلهم وقهرهم جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد فإنهم كانوا قد تمردوا وقتلوا خلقا من الأنبياء والعلماء. وقد روى ابن جرير حدثني يونس بن عبد الاعلى حدثنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ظهر بختنصر على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم ثم أتى دمشق فوجد بها دما يغلي على كبا فسألهم ما هذا الدم: فقالوا أدركنا آباءنا على هذا وكلما ظهر عليه الكبا ظهر قال فقتل على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم فسكن وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب وهذا هو المشهور وأنه قتل أشرافهم وعلماءهم حتى إنه لم يبق من يحفظ التوراة وأخذ معه منهم خلقا كثيرا أسرى من أبناء الأنبياء وغيرهم وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها ولو وجدنا ما هو صحيح أو ما يقاربه لجاز كتابته وروايته والله أعلم.
قوله تعالى " إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها " أي فعليها كما قال تعالى " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها " وقوله " فإذا جاء وعد الآخرة " أي الكرة الآخرة أي إذا أفسدتم الكرة الثانية وجاء أعداؤكم ليسوءوا وجوهكم " أي يهينوكم ويقهروكم " وليدخلوا المسجد " أي بيت المقدس " كما دخلوه أول مرة " أي في التي جاسوا فيها خلال الديار " وليتبروا " أي يدمروا ويخربوا " ما علوا " أي ما ظهروا عليه " تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم " أي فيصرفهم عنكم " وإن عدتم عدنا " أي متى عدتم إلى الافساد " عدنا " إلى الادالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال، ولهذا قال " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " أي مستقرا ومحصرا وسجنا لا محيد لهم عنه وقال ابن عباس: حصيرا أي سجنا وقال مجاهد: يحصرون فيها وكذا قال غيره وقال الحسن فراشا ومهادا وقال قتادة قد عاد بنو إسرائيل فسلط الله عليهم هذا الحي محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون.
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا (9) وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما (10) يمدح تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن بأنه يهدي لاقوم الطرق وأوضح السبل ويبشر المؤمنين به الذين يعملون الصالحات على مقتضاه. " أن لهم أجرا كبيرا " أي يوم القيامة. " وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة " أي ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن لهم عذابا أليما أي يوم القيامة كما قال تعالى " فبشرهم بعذاب أليم ".
ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا (11) يخبر تعالى عن عجلة الانسان ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله بالشر أي بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه كما قال تعالى " ولو يعجل الله للناس الشر " الآية وكذا فسره ابن عباس ومجاهد وقتادة وقد تقدم في الحديث " لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم أن توافقوا