مسنون وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي يحيى عن ابن عباس " من سلالة من طين " قال من صفوة الماء، وقال مجاهد من سلالة أي من من آدم، وقال ابن جرير: إنما سمي آدم طين لأنه مخلوق منه، وقال قتادة استل آدم من الطين وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق فإن آدم عليه السلام خلق من طين لازب وهو الصلصال من الحمأ المسنون وذلك مخلوق من التراب كما قال تعالى " ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون " وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا أسامة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على ظهر الأرض جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والخبيث والطيب وبين ذلك " وقد رواه أبو داود والترمذي من طرق عن عوف الاعرابي به نحوه وقال الترمذي حسن صحيح " ثم جعلناه نطفة " هذا الضمير عائد على جنس الانسان كما قال في الآية الأخرى " وبدأ خلق الانسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين " أي ضعيف كما قال " ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين " يعني الرحم معد لذلك مهيأ له " إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون " أي مدة معلومة وأجل معين حتى استحكم ونقل من حال إلى حال وصفة إلى صفة ولهذا قال ههنا " ثم خلقنا النطفة علقة " أي ثم صيرنا النطفة وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل وهو ظهره وترائب المرأة وهي عظام صدري ما بين الترقوة إلى السرة فصارت علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة قال عكرمة وهي دم " فخلقنا العلقة مضغة " وهي قطعة كالبضعة من اللحم لا شكل فيها ولا تخطيط " فخلقنا المضغة عظاما " يعني شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين عظامها وعصبها وعروقها، وقرأ آخرون " فخلقنا المضغة عظما " قال ابن عباس وهو عظم الصلب وفي الصحيح من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل جسد ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب " " فكسونا العظام لحما " أي جعلنا على ذلك ما يستره ويشده ويقويه " ثم أنشأناه خلقا آخر " أي ثم نفخا فيه الروح فتحرك وصار خلقا آخر ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب " فتبارك الله أحسن الخالقين "، وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا يحيى بن حسان حدثنا النضر يعني ابن كثير مولى بني هاشم حدثنا زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا أتت على النطفة أربعة أشهر بعث الله إليها ملكا فنفخ فيها الروح في ظلمات ثلاث فذلك قوله " ثم أنشأناه خلقا آخر " يعني نفخنا فيه الروح، وروى عن أبي سعيد الخدري أنه نفخ الروح قال ابن عباس " ثم أنشأناه خلقا آخر " يعني نفخنا فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد واختاره ابن جرير، وقال العوفي عن ابن عباس " ثم أنشأناه خلقا آخر " يعني فنقله من حال إلى حال إلى أن خرج طفلا ثم نشأ صغيرا ثم احتلم ثم صار شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم هرما. وعن قتادة والضحاك نحو ذلك، ولا منافاة فإنه من ابتداء نفخ الروح فيه شرع في هذه التنقلات والأحوال والله أعلم، قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله - هو ابن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما (1) ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: رزقه وأجله وعمله وهل هو شقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها " أخرجاه من حديث سليمان بن مهران الأعمش وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي خيثمة قال: قال عبد الله - يعني ابن مسعود إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر فتمكث (1) زاد في بعض الروايات (*)