ذلك خير كثير وثواب جزيل فكما على فعل الطاعات ثواب كثير وأجر جزيل كذلك على ترك المحرمات واجتناب المحظورات.
قال ابن جريج قال مجاهد في قوله " ذلك ومن يعظم حرمات الله " قال الحرمة مكة والحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها وكذا قال ابن زيد. قوله " وأحلت لكم الانعام إلا ما يتلى عليكم " أي أحللنا لكم جميع الانعام ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة لا وصيلة ولا حام، وقوله: " " إلا ما يتلى عليكم " أي من تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة الآية قال ذلك ابن جرير وحكاه عن قتادة، وقوله " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " من ههنا لبيان الجنس أي اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان وقرن الشرك بالله بقول الزور كقوله " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " ومنه شهادة الزور، وفي الصحيحين عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " قلنا: بلى يا رسول الله قال " الاشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس فقال - ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت، وقال الإمام أحمد حدثنا مروان بن معاوية الفزاري أنبأنا سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: " أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله، ثلاثا ثم قرأ " فاجتنبوا الرجس من الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله، ثلاثا ثم قرأ " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " " وهكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع عن مروان بن معاوية به ثم قال غريب إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد وقد اختلف عنه رواية هذا الحديث ولا نعرف لايمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا محمد بن عبيد حدثنا سفيان العصفري عن أبيه عن حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك الأسدي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فلما انصرف قام قائما فقال: " عدلت شهادة الزور الاشراك بالله عز وجل " ثم تلا هذه الآية: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به " وقال سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن وائل بن ربيعة عن ابن مسعود أنه قال: تعدل شهادة الزور الاشراك بالله ثم قرأ هذه الآية، وقوله " حنفاء لله " أي مخلصين له الدين منحرفين عن الباطل قصدا إلى الحق ولهذا قال " غير مشركين به " ثم ضرب للمشرك مثلا في ضلاله وهلاكه وبعده عن الهدى فقال " ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء " أي سقط منها " فتخطفه الطير " أي تقطعه الطيور في الهواء " أو تهوى به الريح في مكان سحيق " أي بعيد مهلك لمن هوى فيه ولهذا جاء في حديث البراء أن الكافر إذا توفته ملائكة الموت وصعدوا بروحه إلى السماء فلا تفتح له أبواب السماء بل تطرح روحه طرحا من هناك ثم قرأ هذه الآية وقد تقدم الحديث في سورة إبراهيم بحروفه وألفاظه وطرقه. وقد ضرب تعالى للمشركين مثلا آخر في سورة الأنعام وهو قوله " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى " الآية.
ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب (32) لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق (33) يقول تعالى هذا " ومن يعظم شعائر الله " أي أوامره " فإنها من تقوى القلوب " ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن كما قال الحكم عن مقسم عن ابن عباس تعظيمها استسمانها واستحسانها. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس " ذلك ومن يعظم شعائر الله " قال: الاستسمان والاستحسان والاستعظام، وقال أبو أمامة عن سهل: كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون. رواه البخاري. وعن أبي هريرة أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال: " دم عفراء أحب إلى الله من