ضرا ولا نفعا " أي العجل أفلا يرون أنه لا يجيبهم إذا سألوه ولا إذا خاطبوه ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا أي في دنياهم ولا في أخراهم قال ابن عباس رضي الله عنهما لا والله ما كان خواره إلا أن يدخل الريح في دبره فيخرج من فمه فيسمع له صوت وقد تقدم في حديث الفتون عن الحسن البصري أن هذا العجل اسمه به موت وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط فألقوها عنهم وعبدوا العجل فتورعوا عن الحقير وفعلوا الامر الكبير كما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر أنه سأله رجل من أهل العراق عن دم البعوض إذا أصاب الثوب يعني هل يصلي فيه أم لا فقال ابن عمر رضي الله عنهما انظروا إلى أهل العراق قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الحسين وهم يسألون عن دم البعوضة.
ولقد قال لهم هارون من قبل يقوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى (91) يخبر تعالى عما كان من نهي هارون لهم عن عبادتهم العجل وإخباره إياهم إنما هذا فتنة لكم وإن ربكم الرحمن الذي خلق كل شئ فقدره تقديرا، ذو العرش المجيد الفعال لما يريد " فاتبعوني وأطيعوا أمري " أي فيما آمركم به واتركوا ما أنهاكم عنه " قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " أي لا نترك عبادته حتى نسمع كلام موسى فيه وخالفوا هارون في ذلك وحاربوه وكادوا أن يقتلوه.
قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا (92) ألا تتبعن أفعصيت أمري (93) قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بيني بني إسرائيل ولم ترقب قولي (94) يخبر تعالى عن موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه فرأى ما قد حدث فيهم من الامر العظيم فامتلأ عند ذلك غضبا وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية وأخذ برأس أخيه يجره إليه وقد قدمنا في سورة الأعراف بسط ذلك وذكرنا هناك حديث " ليس الخبر كالمعاينة " وشرع يلوم أخاه هارون فقال " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن " أي فتخبرني بهذا الامر أول ما وقع " أفعصيت أمري " أي فما كنت قدمت إليك وهو قوله " اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " قال " يا ابن أم " ترفق له بذكر الام مع أنه شقيقه لأبويه لان ذكر الام ههنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف ولهذا قال " يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " الآية. هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم " قال إني خشيت " أن أتبعك فأخبرك بهذا فتقول لي لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم " ولم ترقب قولي " أي وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم قال ابن عباس وكان هارون هائبا مطيعا له.
قال فما خطبك يا سامري (95) قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي (96) قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا (97) إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما (98) يقول موسى عليه السلام للسامري ما حملك على ما صنعت وما الذي عرض لك حتى فعلت ما فعلت قال