تفسير الرازي - الرازي - ج ١٨ - الصفحة ٢١٩
المسألة الثانية: اختلفوا في أن قوله: * (توفني مسلما) * هل هو طلب منه للوفاة أو لا؟ فقال قتادة: سأل ربه اللحوق به ولم يتمن نبي قط الموت قبله، وكثير من المفسرين على هذا القول، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: في رواية عطاء يريد إذا توفيتني فتوفني على دين الإسلام، فهذا طلب لأن يجعل الله وفاته على الإسلام وليس فيه ما يدل على أنه طلب الوفاة.
واعلم أن اللفظ صالح للأمرين ولا يبعد في الرجل العاقل إذا كمل عقله أن يتمنى الموت ويعظم رغبته فيه لوجوه كثيرة منها: أن كمال النفس الإنسانية على ما بيناه في أن يكون عالما بالإلهيات، وفي أن يكون ملكا ومالكا متصرفا في الجسمانيات، وذكرنا أن مراتب التفاوت في هذين النوعين غير متناهية والكمال المطلق فيهما ليس إلا لله وكل ما دون ذلك فهو ناقص والناقص إذا حصل له شعور بنقصانه وذاق لذة الكمال المطلق بقي في القلق وألم الطلب، وإذا كان الكمال المطلق ليس إلا الله، وما كان حصوله للإنسان ممتنعا لزم أن يبقى الإنسان أبدا في قلق الطلب وألم التعب فإذا عرف الإنسان هذه الحالة عرف أنه لا سبيل له إلى دفع هذا التعب عن النفس إلا بالموت، فحينئذ يتمنى الموت.
والسبب الثاني: لتمنى الموت أن الخطباء والبلغاء وإن أطنبوا في مذمة الدنيا إلا أن حاصل كلامهم يرجع إلى أمور ثلاثة: أحدها: أن هذه السعادات سريعة الزوال مشرفة على الفناء والألم الحاصل عند زوالها أشد من اللذة الحاصلة عند وجدانها. وثانيها: أنها غير خالصة بل هي ممزوجة بالمنغصات والمكدرات. وثالثها: أن الأراذل من الخلق يشاركون الأفاضل فيها بل ربما كان حصة الأراذل أعظم بكثير من حصة الأفاضل، فهذه الجهات الثلاثة منفرة عن هذه اللذات، ولما عرف العاقل أنه لا سبيل إلى تحصيل هذه اللذات إلا مع هذه الجهات الثلاثة المنفرة لا جرم يتمنى الموت ليتخلص عن هذه الآفات.
والسبب الثالث: وهو الأقوى عند المحققين رحمهم الله أجمعين أن هذه اللذات الجسمانية لا حقيقة لها، وإنما حاصلها دفع الآلام، فلذة الأكل عبارة عن دفع ألم الجوع، ولذة الوقاع عبارة عن دفع الألم الحاصل بسبب الدغدغة المتولدة من حصول المني في أوعية المني. ولذة الإمارة والرياسة عبارة عن دفع الألم الحاصل بسبب شهوة الانتقام وطلب الرياسة وإذا كان حاصل هذه اللذات ليس إلا دفع الألم لا جرم صارت عند العقلاء حقيرة خسيسة نازلة ناقصة وحينئذ يتمنى الإنسان الموت ليتخلص عن الاحتياج إلى هذه الأحوال الخسيسة.
والسبب الرابع: أن مداخل اللذات الدنيوية قليلة وهي ثلاثة أنواع: لذة الأكل ولذة الوقاع
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (ونادى نوح ربه) الآية 2
2 قوله تعالى (قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم) الآية 5
3 قوله تعالى (قال يا نوح اهبط بسلام منا) 6
4 قوله تعالى (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك) الآية 8
5 قوله تعالى (وإلى عاد أخاهم هودا) الآية 9
6 قوله تعالى (ويا قوم استغفروا ربكم) الآية 11
7 قوله تعالى (قالوا يا هود ما جئتنا ببينة) الآية 12
8 قوله تعالى (فان تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم) الآية 14
9 قوله تعالى (وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله) الآية 15
10 قوله تعالى (وإلى ثمود أخاهم صالحا) الآية 16
11 قوله تعالى (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) الآية 18
12 قوله تعالى (ويا قوم هذه ناقة الله) الآية 19
13 قوله تعالى (فلما جاء أمرنا نجينا صالحا) 20
14 قوله تعالى (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) 21
15 قوله تعالى (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى) الآية 22
16 قوله تعالى (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه) 24
17 قوله تعالى (قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز) 27
18 قوله تعالى (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) 28
19 قوله تعالى (إن إبراهيم لحليم أواه منيب) 29
20 قوله تعالى (يا إبراهيم أعرض عن هذا) 30
21 قوله تعالى (وجاءه قومه يهرعون إليه) 31
22 قوله تعالى (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) الآية 34
23 قوله تعالى (قالوا يا لوط إنا رسل ربك) 35
24 قوله تعالى (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها) 37
25 قوله تعالى (وإلى مدين أخاهم شعيبا) الآية 39
26 قوله تعالى (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان) 41
27 قوله تعالى (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك) 42
28 قوله تعالى (قال يا قوم إن كنت على بينة) 44
29 قوله تعالى (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا) 48
30 قوله تعالى (قال يا قوم ارهطى أعز عليكم) 50
31 قوله تعالى (ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا) 51
32 قوله تعالى (ولقد أرسلنا إلى موسى بآياتنا) 52
33 قوله تعالى (وأتبعوا في هذه لعنة) الآية 54
34 قوله تعالى (ذلك من أنباء القرى) الآية 55
35 قوله تعالى (وكذلك أخذ ربك) الآية 57
36 قوله تعالى (يوم يأت لا تكلم نفس الا باذنه) 59
37 قوله تعالى (وأما الذين شقوا ففي النار) 62
38 قوله تعالى (وأما الذين سعدوا ففي الجنة) 67
39 قوله تعالى (فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء) 68
40 قوله تعالى (وإن كلا لما ليوفيهم) الآية 69
41 قوله تعالى (فاستقم كما أمرت) الآية 70
42 قوله تعالى (وأقم الصلاة طرفي النهار) 72
43 قوله تعالى (فلولا كان من القرون من قبلكم) 74
44 قوله تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم) 76
45 قوله تعالى (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل 79
46 قوله تعالى (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا) 80
47 سورة يوسف 83
48 قوله تعالى (الر تلك آيات الكتاب المبين) 83
49 قوله تعالى (نحن نقص عليك) الآية 84
50 قوله تعالى (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت) 86
51 قوله تعالى (قال يا بني لا تقصص رؤياك) 88
52 قوله تعالى (لقد كان في يوسف وإخوته) 91
53 قوله تعالى (اقتلوا يوسف) الآية 94
54 قوله تعالى (قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على 96
55 قوله تعالى (قال إني ليحزنني أن تذهبوا به) الآية 97
56 قوله تعالى (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه) الآية 98
57 قوله تعالى (وجاؤا أباهم عشاء يبكون) 100
58 قوله تعالى (وجاءت سيارة) الآية 104
59 قوله تعالى (وقال الذي اشتراه من مصر) 108
60 قوله تعالى (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما) الآية 110
61 قوله تعالى (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه) الآية 112
62 قوله تعالى (ولقد همت به وهم بها) الآية 114
63 قوله تعالى (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر) الآية 121
64 قوله تعالى (وقال نسوة في المدينة) الآية 125
65 قوله تعالى (فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن) الآية 126
66 قوله تعالى (قالت فذلكن الذي لمتنني فيه) 129
67 قوله تعالى (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) الآية 130
68 قوله تعالى (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات) الآية 132
69 قوله تعالى (ودخل معه السجن فتيان) الآية 133
70 قوله تعالى (قال لا يأتيكما طعام ترزقانه) 135
71 قوله تعالى (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) الآية 139
72 قوله تعالى (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها) الآية 141
73 قوله تعالى (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا) الآية 142
74 قوله تعالى (وقال للذي ظن أنه ناج منهما 143
75 قوله تعالى (وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان) الآية 146
76 قوله تعالى (وقال الذي نجا منهما) الآية 148
77 قوله تعالى (قال تزرعون سبع ستين دأبا) 149
78 قوله تعالى (وقال الملك أئتوني به) الآية 151
79 قوله تعالى (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) 154
80 قوله تعالى (وما أبرئ نفسي) الآية 156
81 قوله تعالى (وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي) الآية 158
82 قوله تعالى (قال اجعلني على خزائن الأرض) الآية 160
83 قوله تعالى (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض) الآية 162
84 قوله تعالى (ولأجر الآخرة خير) الآية 164
85 قوله تعالى (وجاء أخوة يوسف فدخلوا عليه) الآية 165
86 قوله تعالى (ولما جهزهم بجهازهم) الآية 166
87 قوله تعالى (فان لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي) الآية 167
88 قوله تعالى (وقالوا لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم) الآية 168
89 قوله تعالى (ولما فتحوا متاعهم) 170
90 قوله تعالى (قال لن أرسله معكم) 171
91 قوله تعالى (وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد) الآية 172
92 قوله تعالى (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم) الآية 176
93 قوله تعالى (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) الآية 177
94 قوله تعالى (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) 180
95 قوله تعالى (فبدأ بأويعتهم قبل وعاء أخيه) 181
96 قوله تعالى (قالوا فان يسرق فقد سرق أخ له من قبل) 183
97 قوله تعالى (قالوا يا أيها العزيز) 185
98 قوله تعالى (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) 186
99 قوله تعالى (ارجعوا إلى أبيكم) الآية 188
100 قوله تعالى (واسأل القرية التي كنا فيها) 190
101 قوله تعالى (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا) 191
102 قوله تعالى (وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف) الآية 192
103 قوله تعالى (قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) الآية 194
104 قوله تعالى (قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف) 196
105 قوله تعالى (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز) الآية 200
106 قوله تعالى (قال هل علمتم بيوسف وأخيه) 202
107 قوله تعالى (قالوا تالله لقد آثرك الله علينا) 204
108 قوله تعالى (قال لا تثريب عليكم اليوم) 206
109 قوله تعالى (ولما فصلت العير) الآية 207
110 قوله تعالى (فلما أن جاء البشير) الآية 208
111 قوله تعالى (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا) 209
112 قوله تعالى (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه) الآية 210
113 قوله تعالى (ورفع أبويه على العرش) الآية 212
114 قوله تعالى (رب قد آتيتني من الملك) 216
115 قوله تعالى (ذلك من أنباء الغيب) الآية 222
116 قوله تعالى (وكأين من آية في السماوات والأرض) الآية 223
117 قوله تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله) 224
118 قوله تعالى (وما أرسلنا من قبلك الا رجالا) الآية 225
119 قوله تعالى (حتى إذا استيأس الرسل) 226
120 قوله تعالى (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب) الآية 227
121 سورة الرعد 230
122 قوله تعالى (المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك) الآية 230
123 قوله تعالى (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها) الآية 231
124 قوله تعالى (لعلكم بلقاء ربكم توقنون) 235