وقوله: فاستغفر ربه يقول: فسأل داو ربه غفران ذنبه وخر راكعا يقول:
وخر ساجدا لله وأناب يقول: ورجع إلى رضا ربه، وتاب من خطيئته.
واختلف في سبب البلاء الذي ابتلي به نبي الله داود (ص)، فقال بعضهم: كان سبب ذلك أنه تذكر ما أعطى الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من حسن الثناء الباقي لهم في الناس، فتمنى مثله، فقيل له: إنهم امتحنوا فصبروا، فسأل أن يبتلى كالذي ابتلوا، ويعطى كالذي أعطوا إن هو صبر. ذكر من قال ذلك 22935 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال: إن داود قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لوددت أنك أعطيتني مثله، قال الله: إني ابتليتهم بما لم أبتلك به، فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به، وأعطيتك كما أعطيتهم، قال: نعم، قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك فكان ما شاء الله أن يكون، وطال ذلك عليه، فكاد أن ينساه فبينا هو في محرابه، إذ وقعت عليه حمامة من ذهب فأراد أن يأخذها، فطار إلى كوة المحراب، فذهب ليأخذها، فطارت، فاطلع من الكوة، فرأى امرأة تغتسل، فنزل نبي الله (ص) من المحراب، فأرسل إليها فجاءته، فسألها عن زوجها وعن شأنها، فأخبرته أن زوجها غائب، فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها، ففعل، فكان يصاب أصحابه وينجو، وربما نصروا، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود، أراد أن يستنقذه فبينما داود ذات يوم في محرابه، إذ تسور عليه الخصمان من قبل وجهه فلما رآهما وهو يقرأ فزع وسكت، وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى إن الناس يستورون علي محرابي، قالا له: لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ولم يكن لنا بد من أن نأتيك، فاسمع منا قال أحدهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أنثى ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها يريد أن يتمم بها مئة، ويتركني ليس لي شئ وعزني في الخطاب قال: إن دعوت ودعا كان أكثر، وإن بطشت وبطش كان أشد مني، فذلك قوله: وعزني في الخطاب قال له داود: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه... إلى قوله: وقليل ما هم ونسي نفسه (ص)، فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال ذلك، فتبسم أحدهما إلى الآخر، فرآه داود وظن أنما فتن فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب أربعين ليلة، حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه، ثم شدد الله له ملكه.