تعالى ذكره، فتكون ما موضوعة عند ذلك موضع من كما قيل: ولا أنتم عابدون ما أعبد يعني به الله، وكما قيل: فانكحوا ما طاب لكم من النساء. والثاني: أن يكون بمعنى المصدر على ما ذكرت. وإذا كانت بمعنى المصدر، كان في الهاء التي في قوله: إليه وجهان: أحدهما: أن يكون من ذكر ما. والآخر: من ذكر الرب.
وقوله: وجعل لله أندادا يقول: وجعل لله أمثالا وأشباها.
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي جعلوها فيه له أندادا، قال بعضهم: جعلوها له أندادا في طاعتهم إياه في معاصي الله. ذكر من قال ذلك 23157 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي وجعل لله أندادا قال: الأنداد من الرجال: يطيعونهم في معاصي الله.
وقال آخرون: عنى بذلك أنه عبد الأوثان، فجعلها لله أندادا في عبادتهم إياها.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى به أنه أطاع الشيطان في عبادة الأوثان، فجعل له الأوثان أندادا، لان ذلك في سياق عتاب الله إياهم له على عبادتها.
وقوله: ليضل عن سبيله يقول: ليزيل من أراد أن يوحد الله ويؤمن به عن توحيده، والاقرار به، والدخول في الاسلام. وقوله: قل تمتع بكفرك قليلا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لفاعل ذلك: تمتع بكفرك بالله قليلا إلى أن تستوفي أجلك، فتأتيك منيتك إنك من أصحاب النار: أي إنك من أهل النار الماكثين فيها.
وقوله: تمتع بكفرك: وعيد من الله وتهدد.] القول في تأويل قوله تعالى:
* (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: أمن فقرأ ذلك بعض المكيين وبعض المدنيين وعامة الكوفيين: أمن بتخفيف الميم ولقراءتهم ذلك كذلك وجهان: أحدهما أن يكون الألف في أمن بمعنى الدعاء، يراد بها: يا من هو قانت آناء الليل، والعرب تنادي بالألف كما تنادي بيا، فتقول: أزيد أقبل، ويا زيد أقبل ومنه قول أوس بن حجر: