واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: محضرون وأين حضورهم إياهم، فقال بعضهم: عني بذلك: وهم لهم جند محضرون عند الحساب. ذكر من قال ذلك:
22393 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: وهم لهم جند محضرون قال: عند الحساب وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهم لهم جند محضرون في الدنيا يغضبون لهم. ذكر من قال ذلك:
22394 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة لا يستطيعون نصرهم الآلهة وهم لهم جند محضرون والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا، وهي لا تسوق إليهم خيرا، ولا تدفع عنهم سوءا، إنما هي أصنام.
وهذا الذي قاله قتادة أولى القولين عندنا بالصواب في تأويل ذلك، لان المشركين عند الحساب تتبرأ منهم الأصنام، وما كانوا يعبدونه، فكيف يكونون لها جندا حينئذ، ولكنهم في الدنيا لهم جند يغضبون لهم، ويقاتلون دونهم.
وقوله تعالى: فلا يحزنك قولهم يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): فلا يحزنك يا محمد قول هؤلاء المشركين بالله من قومك لك: إنك شاعر، وما جئتنا به شعر، ولا تكذيبهم بآيات الله وجحودهم نبوتك. وقوله: إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون يقول تعالى ذكره: إنا نعلم أن الذي يدعوهم إلى قيل ذلك الحسد، وهم يعلمون أن الذي جئتهم به ليس بشعر، ولا يشبه الشعر، وأنك لست بكذاب، فنعلم ما يسرون من معرفتهم بحقيقة ما تدعوهم إليه، وما يعلنون من جحودهم ذلك بألسنتهم علانية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) *.
يقول تعالى ذكره: أو لم ير الانسان أنا خلقناه. واختلف في الانسان الذي عني بقوله: أو لم ير الانسان فقال بعضهم: عني به أبي بن خلف. ذكر من قال ذلك: