ذكر الله من بعد ذلك، هدى الله يعني: توفيق الله إياهم وفقهم له يهدي به من يشاء يقول: يهدي تبارك وتعالى بالقرآن من يشاء من عباده.
وقد يتوجه معنى قوله: ذلك هدى إلى أن يكون ذلك من ذكر القرآن، فيكون معنى الكلام: هذا القرآن بيان الله يهدي به من يشاء، يوفق للايمان به من يشاء.
وقوله: ومن يضلل الله فما له من هاد يقول تعالى ذكره: ومن يخذله الله عن الايمان بهذا القرآن والتصديق بما فيه، فيضله عنه، فما له من هاد يقول: فما له من موفق له، ومسدد يسدده في اتباعه.] القول في تأويل قوله تعالى:
* (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون * كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) *.
اختلف أهل التأويل في صفة اتقاء هذا الضال بوجهه سوء العذاب، فقال بعضهم: هو أن يرمى به في جهنم مكبوبا على وجهه، فذلك اتقاؤه إياه. ذكر من قال ذلك:
23197 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب قال: يخر على وجهه في النار، يقول: هو مثل أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة؟.
وقال آخرون: هو أن ينطلق به إلى النار مكتوفا، ثم يرمى به فيها، فأول ما تمس النار وجهه وهذا قول يذكر عن ابن عباس من وجه كرهت أن أذكره لضعف سنده وهذا أيضا مما ترك جوابه استغناء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه عنه. ومعنى الكلام: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة خير، أم من ينعم في الجنان؟.
وقوله: وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون يقول: ويقال يومئذ للظالمين أنفسهم بإكسابهم إياها سخط الله. ذوقوا اليوم أيها القوم وبال ما كنتم في الدنيا تكسبون من معاصي الله.
وقوله: كذب الذين من قبلهم يقول تعالى ذكره: كذب الذين من قبل هؤلاء