انقطاع ما كان أهل الدنيا أوتوه في الدنيا، فانقطع بالفناء، ونفد بالانفاد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23062 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي إن هذا لرزقنا ماله من نفاد قال: رزق الجنة، كلما أخذ منه شئ عاد مثله مكانه، ورزق الدنيا له نفاد.
23063 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ما له من نفاد:
أي ما له انقطاع.] القول في تأويل قوله تعالى:
* (هذا وإن للطاغين لشر مآب * جهنم يصلونها فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج * هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار * قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: هذا: الذي وصفت لهؤلاء المتقين: ثم استأنف عز وجل الخبر عن الكافرين به الذين طغوا عليه وبغوا، فقال: وإن للطاغين وهم الذين تمردوا على ربهم، فعصوا أمره مع إحسانه إليهم لشر مآب يقول: لشر مرجع ومصير يصيرون إليه في الآخرة بعد خروجهم من الدنيا، كما:
23064 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي وإن للطاغين لشر مآب قال: لشر منقلب.
ثم بين تعالى ذكره: ما ذلك الذي إليه ينقلبون ويصيرون في الآخرة، فقال: جهنم يصلونها فترجم عن جهنم بقوله: لشر مآب ومعنى الكلام: إن للكافرين لشر مصير يصيرون إليه يوم القيامة، لان مصيرهم إلى جهنم، وإليها منقلبهم بعد وفاتهم فبئس المهاد يقول تعالى ذكره: فبئس الفراش الذي افترشوه لأنفسهم جهنم.
وقوله: هذا فليذوقوه حميم وغساق يقول تعالى ذكره: هذا حميم، وهو الذي قد أغلي حتى انتهى حره، وغساق فليذوقوه فالحميم مرفوع بهذا، وقوله: فليذوقوه معناه التأخير، لان معنى الكلام ما ذكرت، وهو: هذا حميم وغساق فليذوقوه. وقد يتجه إلى أن يكون هذا مكتفيا بقوله فليذوقوه ثم يبتدأ فيقال: حميم وغساق، بمعنى: منه حميم ومنه غساق كما قال الشاعر: