وعملوا بطاعة الله، وانتهوا إلى أمره ونهيه، ولم يتجاوزوه وقليل ما هم. وفي ما التي في قوله: وقليل ما هم وجهان: أحدهما أن تكون صلة بمعنى: وقليل هم، فيكون إثباتها وإخراجها من الكلام لا يفسد معنى الكلام: والآخر أن تكون اسما، وهم صلة لها، بمعنى: وقليل ما تجدهم، كما يقال: قد كنت أحسبك أعقل مما أنت، فتكون أنت صلة لما، والمعنى: كنت أحسب عقلك أكثر مما هو، فتكون ما والاسم مصدرا، ولو لم ترد المصدر لكان الكلام بمن، لان من التي تكون للناس وأشباههم، ومحكي عن العرب:
قد كنت أراك أعقل منك مثل ذلك، وقد كنت أرى أنه غير ما هو، بمعنى: كنت أراه على غير ما رأيت. وروي عن ابن عباس في ذلك ما:
22930 حدثني به علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: وقليل ما هم يقول: وقليل الذين هم.
22931 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم قال: قليل من لا يبغي.
فعلى هذا التأويل الذي تأوله ابن عباس معنى الكلام: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقليل الذين هم كذلك، بمعنى: الذين لا يبغي بعضهم على بعض، وما على هذا القول بمعنى: من.
وقوله: وظن داود أنما فتناه يقول: وعلم داود أنما ابتليناه، كما:
22932 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وظن داود:
علم داود.
22933 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن وظن داود أنما فتناه قال: ظن أنما ابتلي بذاك.
22934 حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس وظن داود أنما فتناه قال: ظن أنما ابتلي بذاك.
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس وظن داود أنما فتناه اختبرناه.
والعرب توجه الظن إذا أدخلته على الاخبار كثيرا إلى العلم الذي هو من غير وجه العيان.