يعني: كالكفار المنتهكين حرمات الله. وقوله: كتاب أنزلناه إليك يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك يا محمد مبارك ليدبروا آياته يقول:
ليتدبروا حجج الله التي فيه، وما شرع فيه من شرائعه، فيتعظوا ويعملوا به.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة القراء: ليدبروا بالياء، يعني: ليتدبر هذا القرآن من أرسلناك إليه من قومك يا محمد. وقرأه أبو جعفر وعاصم لتدبروا آياته بالتاء، بمعنى: لتتدبره أنت يا محمد وأتباعك.
وأولى القراءتين عندنا بالصواب في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وليتذكر أولو الألباب يقول: وليعتبر أولو العقول والحجا ما في هذا الكتاب من الآيات، فيرتدعوا عما هم عليه مقيمين من الضلالة، وينتهوا إلى ما دلهم عليه من الرشاد وسبيل الصواب. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: أولوا الألباب قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22950 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي أولوا الألباب قال: أولو العقول من الناس.
وقد بينا ذلك فيما مضى قبل بشواهده، بما أغنى عن إعادته هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب * إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد * فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب * ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق) *.
يقول تعالى ذكره ووهبنا لداود سليمان ابنه ولدا نعم العبد يقول: نعم العبد سليمان إنه أواب يقول: إنه رجاع إلى طاعة الله تواب إليه مما يكرهه منه. وقيل: إنه عني به أنه كثير الذكر لله والطاعة. ذكر من قال ذلك:
22951 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس نعم العبد إنه أواب قال: الأواب: المسبح.
22952 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة نعم العبد إنه أواب قال: كان مطيعا لله كثير الصلاة.