سيسأله إياك فيعطيه، فيضعه عنك فلما فرج عن داود ما كان فيه، رسم خطيئته في كفه اليمنى بطن راحته، فما رفع إلى فيه طعاما ولا شرابا قط إلا بكى إذا رآها، وما قام خطيبا في الناس قط إلا نشر راحته، فاستقبل بها الناس ليروا رسم خطيئته في يده.
22941 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثا يذكر عن مجاهد قال: لما أصاب داود الخطيئة خر لله ساجدا أربعين يوما حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ثم نادى: رب قرح الجبين، وجمدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شئ، فنودي: أجائع فتطعم، أم مريض فتشفى، أم مظلوم فينتصر لك؟
قال: فنحب نحبة هاج كل شئ كان نبت، فعند ذلك غفر له. وكانت خطيئته مكتوبة بكفه يقرؤها، وكان يؤتي بالاناء ليشرب فلا يشرب إلا ثلثه أو نصفه، وكان يذكر خطيئته، فينحب النحبة تكاد مفاصله تزول بعضها من بعض، ثم ما يتم شرابه حتى يملأه من دموعه وكان يقال: إن دمعة داود، تعدل دمعة الخلائق، ودمعة آدم تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق، قال: فهو يجئ يوم القيامة خطيئته مكتوبة بكفه، فيقول: رب ذنبي ذنبي قدمني، قال: فيقدم فلا يأمن فيقول: رب أخرني فيؤخر فلا يأمن.
22942 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن أبي صخر، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك سمعه يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول:
إن داود النبي صلى الله عليه وسلم حين نظر إلى المرأة فأهم، قطع على بني إسرائيل، فأوصى صاحب البعث، فقال: إذا حضر العدو، فقرب فلانا بين يدي التابوت، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش، فقتل زوج المرأة ونزل الملكان على داود يقصان عليه قصته، ففطن داود فسجد، فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه، وأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده فلم أحص من الرقاشي إلا هؤلاء الكلمات: رب زل داود زلة أبعد ما بين المشرق والمغرب، إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنبه، جعلت ذنبه حديثا في الخلوف من بعده، فجاءه جبرائيل صلى الله عليه وسلم من بعد الأربعين ليلة، فقال: يا داود إن الله قد غفر لك الهم الذي هممت به، فقال داود: علمت أن الرب قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به، وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال:
يا رب دمي الذي عند داود فقال جبرائيل صلى الله عليه وسلم: ما سألت ربك عن ذلك، ولئن شئت لأفعلن، فقال: نعم، فعرج جبريل وسجد داود، فمكث ما شاء الله، ثم نزل