فاحكم بين الناس بالحق يعني: بالعدل والانصاف ولا تتبع الهوى يقول: ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل فيه، فتجور عن الحق فيضلك عن سبيل الله يقول: فيميل بك اتباعك هواك في قضائك على العدل والعمل بالحق عن طريق الله الذي جعله لأهل الايمان فيه، فتكون من الهالكين بضلالك عن سبيل الله.
وقوله: إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب يقول تعالى ذكره: إن الذين يميلون عن سبيل الله، وذلك الحق الذي شرعه لعباده، وأمرهم بالعمل به، فيجورون عنه في الدنيا، لهم في الآخرة يوم الحساب عذاب شديد على ضلالهم عن سبيل الله بما نسوا أمر الله، يقول: بما تركوا القضاء بالعدل، والعمل بطاعة الله يوم الحساب من صلة العذاب الشديد. وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
22948 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوام، عن عكرمة، في قوله: عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب قال: هذا من التقديم والتأخير، يقول: لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا.
22949 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله:
بما نسوا يوم الحساب قال: نسوا: تركوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار * أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار * كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) *.
يقول تعالى ذكره: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما عبثا ولهوا، ما خلقناهما إلا ليعمل فيهما بطاعتنا، وينتهى إلى أمرنا ونهينا، ذلك ظن الذين كفروا يقول: أي ظن أنا خلقنا ذلك باطلا ولعبا، ظن الذين كفروا بالله فلم يوحدوه، ولم يعرفوا عظمته، وأنه لا ينبغي أن يعبث، فيتيقنوا بذلك أنه لا يخلق شيئا باطلا فويل للذين كفروا من النار يعني:
من نار جهنم. وقوله: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض يقول: أنجعل الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بما أمر الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه كالمفسدين في الأرض يقول: كالذين يشركون بالله ويعصونه ويخالفون أمره ونهيه أم نجعل المتقين يقول: الذين اتقوا الله بطاعته وراقبوه، فحذروا معاصيه كالفجار