يقول تعالى ذكره: ولقد تفضلنا على موسى وهارون ابني عمران، فجعلناهما نبيين، ونجيناهما وقومهما من الغم والمكروه العظيم الذي كانوا فيه من عبودة آل فرعون، ومما أهلكنا به فرعون وقومه من الغرق. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22675 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله: ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم قال: من الغرق.
22676 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم: أي من آل فرعون.
وقوله: ونصرناهم يقول: ونصرنا موسى وهارون وقومهما على فرعون وآله بتغريقناهم، فكانوا هم الغالبين لهم.
وقال بعض أهل العربية: إنما أريد بالهاء والميم في قوله: ونصرناهم موسى وهارون، ولكنها أخرجت على مخرج مكني الجمع، لان العرب تذهب بالرئيس كالنبي والأمير وشبهه إلى الجمع بجنوده وأتباعه، وإلى التوحيد لأنه واحد في الأصل، ومثله:
على خوف من فرعون وملئهم وفي موضع آخر: وملئه. قال: وربما ذهبت العرب بالاثنين إلى الجمع كما تذهب بالواحد إلى الجمع، فتخاطب الرجل، فتقول: ما أحسنتم ولا أجملتم، وإنما تريده بعينه، وهذا القول الذي قاله هذا الذي حكينا قوله في قوله: ونصرناهم وإن كان قولا غير مدفوع، فإنه لا حاجة بنا إلى الاحتيال به لقوله:
ونصرناهم، لان الله أتبع ذلك قوله: ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ثم قال:
ونصرناهم يعني: هما وقومهما، لان فرعون وقومه كانوا أعداء لجميع بني إسرائيل، قد استضعفوهم، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، فنصرهم الله عليهم، بأن غرقهم ونجى الآخرين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وآتيناهما الكتاب المستبين * وهديناهما الصراط المستقيم * وتركنا عليهما في الآخرين * سلام على موسى وهارون * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنهما من عبادنا المؤمنين) *.