ذكروا فقالوا: هل يأتي على الانسان يوم لا يصيب فيه ذنبا؟ فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان يوم عبادته، أغلق أبوابه، وأمر أن لا يدخل عليه أحد، وأكب على التوراة فبينما هو يقرؤها، فإذا حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن، قد وقعت بين يديه، فأهوى إليها ليأخذها، قال: فطارت، فوقعت غير بعيد، من غير أن تؤيسه من نفسها، قال: فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل، فأعجبه خلقها وحسنها قال: فلما رأت ظله في الأرض، جللت نفسها بشعرها، فزاده ذلك أيضا إعجابا بها، وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه، فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكان إذا سار إليه لم يرجع، قال:
ففعل، فأصيب فخطبها فتزوجها. قال: وقال قتادة: بلغنا أنها أم سليمان، قال: فبينما هو في المحراب، إذ تسور الملكان عليه، وكان الخصمان إذا أتوه يأتونه من باب المحراب، ففزع منهم حين تسوروا المحراب، فقالوا: لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض... حتى بلغ ولا تشطط: أي لا تمل واهدنا إلى سواء الصراط: أي أعدله وخيره إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، وكان لداود تسع وتسعون امرأة ولي نعجة واحدة قال: وإنما كان للرجل امرأة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب أي:
ظلمني وقهرني، فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه... إلى قوله: وقليل ما هم وظن داود فعلم داود أنما صمد له: أي عنى به ذلك فخر راكعا وأناب قال: وكان في حديث مطر، أنه سجد أربعين ليلة، حتى أوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، قال: رب وكيف تغفر لي وأنت حكم عدل، لا تظلم أحدا؟ قال: إني أقضيك له، ثم أستوهبه أو ذنبك، ثم أثيبه حتى يرضى، قال: الآن طابت نفسي، وعلمت أنك قد غفرت لي.
22939 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه اليماني، قال: لما اجتمعت بنو إسرائيل، على داود، أنزل الله عليه الزبور، وعلمه صنعة الحديد، فألانه له، وأمر الجبال والطير أن يسبحن معه إذا سبح، ولم يعط الله فيما يذكرون أحدا من خلقه مثل صوته كان إذا قرأ الزبور فيما يذكرون، تدنو له الوحوش حتى يأخذ بأعناقها، وإنها لمصيخة تسمع لصوته، وما صنعت الشياطين المزامير والبرابط والصنوج، إلا على أصناف صوته، وكان شديد الاجتهاد دائب العبادة، فأقام في بني إسرائيل يحكم فيهم بأمر الله نبيا مستخلفا، وكان شديد الاجتهاد من الأنبياء، كثير البكاء، ثم عرض من فتنة تلك المرأة ما عرض له، وكان له محراب يتوحد فيه لتلاوة الزبور، ولصلاته إذا صلى، وكان أسفل منه جنينة لرجل من بني إسرائيل، كان عند ذلك الرجل المرأة التي أصاب داود فيها ما أصابه.