ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر فقال بعضهم: ذلك لخاص من الناس، ومعناه: إن تكفروا أيها المشركون بالله، فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده المؤمنين الذين أخلصهم لعبادته وطاعته الكفر. ذكر من قال ذلك:
23150 حدثني علي قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، فيقولوا: لا إله إلا الله، ثم قال: ولا يرضى لعباده الكفر وهم عباده المخلصون الذين قال فيهم: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم.
23151 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي ولا يرضى لعباده الكفر قال: لا يرضى لعباده المؤمنين أن يكفروا.
وقال آخرون: بل ذلك عام لجميع الناس، ومعناه: أيها الناس إن تكفروا، فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لكم أن تكفروا به.
والصواب من القول في ذلك ما قال الله عز وجل: إن تكفروا بالله أيها الكفار به، فإن غني عن إيمانكم وعبادتكم إياه، ولا يرضى لعباده الكفر، بمعنى: ولا يرضى لعباده أن يكفروا به، كما يقال: لست أحب الظلم، وإن أحببت أن يظلم فلان فلانا فيعاقب.
وقوله: وإن تشكروا يرضه لكم يقول: وإن تؤمنوا بربكم وتطيعوه يرض شكركم له، وذلك هو إيمانهم به وطاعتهم إياه، فكنى عن الشكر ولم يذكر، وإنما ذكر الفعل الدال عليه، وذلك نظير قوله: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا بمعنى: فزادهم قول الناس لهم ذلك إيمانا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: