هذا قول مشركي أهل مكة، فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين، كفروا به فسوف يعلمون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فكفروا به فسوف يعلمون * ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون) *.
يقول تعالى ذكره: فلما جاءهم الذكر من عند الله كفروا به، وذلك كفرهم بمحمد (ص) وبما جاءهم به من عند الله من التنزيل والكتاب، يقول الله: فسوف يعلمون إذا وردوا علي ماذا لهم من العذاب بكفرهم بذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22796 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين قال: لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب فسوف يعلمون يقول: قد جاءكم محمد بذلك، فكفروا بالقرآن وبما جاء به محمد.
وقوله: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون يقول تعالى ذكره: ولقد سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون: أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أم الكتاب، وهو أنهم النصرة والغلبة بالحجج، كما:
22797 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين حتى بلغ: لهم الغالبون قال: سبق هذا من الله لهم أن ينصرهم.
22798 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون يقول: بالحجج.
وكان بعض أهل العربي يتأول ذلك: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين بالسعادة.
وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: ولقد سبقت كلمتنا على عبادنا المرسلين فجعلت على مكان اللام، فكأن المعنى: حقت عليهم ولهم، كما قيل: على ملك سليمان، وفي ملك سليمان، إذ كان معنى ذلك واحدا.
وقوله: وإن جندنا لهم الغالبون يقول: وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون،