ثم أرسل المطر، فأغاثهم، فحييت بلادهم، وفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء، فلم ينزعوا ولم يرجعوا، وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه فلما رأى ذلك إلياس من كفرهم، دعا ربه أن يقبضه إليه، فيريحه منهم، فقيل له فيما يزعمون: انظر يوم كذا وكذا، فاخرج فيه إلى بلد كذا وكذا، فماذا جاؤوك من شئ فاركبه ولا تهبه فخرج إلياس وخرج معه اليسع بن أخطوب، حتى إذا كان في البلد الذي ذكر له في المكان الذي أمر به، أقبل إليه فرس من نار حتى وقف بين يديه، فوثب عليه، فانطلق به، فناداه اليسع: يا إلياس يا إلياس ما تأمرني؟
فكان آخر عهدهم به، فكساه الله الريش، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، وطار في الملائكة، فكان إنسيا ملكيا أرضيا سماويا.
واختلفت القراء في قراءة قوله: الله ربكم ورب آبائكم الأولين فقرأته عامة قراء مكة والمدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة: الله ربكم ورب آبائكم الأولين رفعا على الاستئناف، وأن الخبر قد تناهى عند قوله: أحسن الخالقين. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: الله ربكم ورب آبائكم الأولين نصبا، على الرد على قوله: وتذرون أحسن الخالقين على أن ذلك كله كلام واحد.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، مع استفاضة القراءة بهما في القراء، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحق عليكم العبادة: ربكم الذي خلقكم، ورب آبائكم الماضين قبلكم، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا، ولا يضر ولا ينفع.
وقوله: فكذبوه فإنهم لمحضرون يقول: فكذب إلياس قومه، فإنهم لمحضرون:
يقول: فإنهم لمحضرون في عذاب الله فيشهدونه، كما:
22692 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فإنهم لمحضرون في عذاب الله.
إلا عباد الله المخلصين يقول: فإنهم يحضرون في عذاب الله، إلا عباد الله الذين أخلصهم من العذاب وتركنا عليه في الآخرين يقول: وأبقينا عليه الثناء الحسن في الآخرين من الأمم بعده. القول في تأويل قوله تعالى:
* (سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين) *.