* (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون * والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) *.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء الخاسرين يوم القامة في جهنم: من فوقهم ظلل من النار وذلك كهيئة الظلل المبنية من النار ومن تحتهم ظلل يقول: ومن تحتهم من النار ما يعلوهم، حتى يصير ما يعلوهم منها من تحتهم ظللا، وذلك نظير قوله جل ثناؤه لهم: من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش يغشاهم مما تحتهم فيها من المهاد.
وقوله: ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون يقول تعالى ذكره: هذا الذي أخبرتكم أيها الناس به، مما للخاسرين يوم القيامة من العذاب، تخويف من ربكم لكم، يخوفكم به لتحذروه، فتجتنبوا معاصيه، وتنيبوا من كفركم إلى الايمان به، وتصديق رسوله، واتباع أمره ونهيه، فتنجوا من عذابه في الآخرة فاتقون يقول: فاتقوني بأداء فرائضي عليكم، واجتناب معاصي، لتنجوا من عذابي وسخطي.
وقوله: والذين اجتنبوا الطاغوت: أي اجتنبوا عبادة كل ما عبد من دون الله من شئ. وقد بينا معنى الطاغوت فيما مضى قبل بشواهد ذلك، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وذكرنا أنه في هذا الموضع: الشيطان، وهو في هذا الموضع وغيره بمعنى واحد عندنا. ذكر من قال ما ذكرنا في هذا الموضع:
23172 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
والذين اجتنبوا الطاغوت قال: الشيطان.
23173 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها قال: الشيطان.