ذلك بعض المكيين والبصريين: وهم يخصمون بفتح الخاء وتشديد الصاد بمعنى:
يختصمون، غير أنهم نقلوا حركة التاء وهي الفتحة التي في يفتعلون إلى الخاء منها، فحركوها بتحريكها، وأدغموا التاء في الصاد وشددوها. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة:
يخصمون بكسر الخاء وتشديد الصاد، فكسروا الخاء بكسر الصاد وأدغموا التاء في الصاد وشددوها. وقرأ ذلك آخرون منهم: يخصمون بسكون الخاء وتخفيف الصاد، بمعنى يفعلون من الخصومة، وكأن معنى قارئ ذلك كذلك: كأنهم يتكلمون، أو يكون معناه عنده: كان وهم عند أنفسهم يخصمون من وعدهم مجئ الساعة، وقيام القيامة، ويغلبونه بالجدل في ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن هذه قراءات مشهورات معروفات في قراء الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيتهن قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: فلا يستطيعون توصية يقول تعالى ذكره: فلا يستطيع هؤلاء المشركون عند النفخ في الصور أن يوصوا في أموالهم أحدا ولا إلى أهلهم يرجعون يقول: ولا يستطيع من كان منهم خارجا عن أهله أن يرجع إليهم، لأنهم لا يمهلون بذلك. ولكن يعجلون بالهلاك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22336 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فلا يستطيعون توصية: أي فيما في أيديهم ولا إلى أهلهم يرجعون قال: أعجلوا عن ذلك.
22337 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة... الآية، قال هذا مبتدأ يوم القيامة، وقرأ: فلا يستطيعون توصية حتى بلغ إلى ربهم ينسلون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون * قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون) *.
يقول تعالى ذكره: ونفخ في الصور، وقد ذكرنا اختلاف المختلفين والصواب من القول فيه بشواهده فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، ويعنى بهذه النفخة، نفخة البعث.