والآخر أن يكون بمعنى الذي، فيكون معنى الكلام عند ذلك: والله خلقكم والذي تعملونه: أي والذي تعملون منه الأصنام، وهو الخشب والنحاس والأشياء التي كانوا ينحتون منها أصنامهم. وهذا المعنى الثاني قصد إن شاء الله قتادة بقوله الذي:
22596 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: والله خلقكم وما تعملون: بأيديكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين * وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي من الصالحين) *.
يقول تعالى ذكره: قال قوم إبراهيم لما قال لهم إبراهيم: أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون ابنوا لإبراهيم بنيانا ذكر أنهم بنوا له بنيانا يشبه التنور، ثم نقلوا إليه الحطب، وأوقدوا عليه فألقوه في الجحيم والجحيم عند العرب: جمر النار بعضه على بعض، والنار على النار.
وقوله: فأرادوا به كيدا يقول تعالى ذكره: فأراد قوم إبراهيم بإبراهيم كيدا، وذلك ما كانوا أرادوا من إحراقه بالنار. يقول الله: فجعلناهم أي فجعلنا قوم إبراهيم الأسفلين يعني الأذلين حجة، وغلبنا إبراهيم عليهم بالحجة، وأنقذناه مما أرادوا به من الكيد، كما:
22597 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين قال: فما ناظرهم بعد ذلك حتى أهلكهم.
وقوله: وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين يقول: وقال إبراهيم لما أفلجه الله على قومه ونجاه من كيدهم: إني ذاهب إلى ربي يقول: إني مهاجر من بلدة قومي إلى الله:
أي إلى الأرض المقدسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله. وكان قتادة يقول في ذلك ما:
22598 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين ذاهب بعمله وقلبه ونيته.
وقال آخرون في ذلك: إنما قال إبراهيم إني ذاهب إلى ربي حني أرادوا أن يلقوه في النار. ذكر من قال ذلك:
22599 حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي