اختلفت القراء في قراءة قوله: والقمر قدرناه منازل فقرأه بعض المكيين وبعض المدنيين وبعض البصريين: والقمر رفعا عطفا بها على الشمس، إذ كانت الشمس معطوفة على الليل، فأتبعوا القمر أيضا الشمس في الاعراب، لأنه أيضا من الآيات، كما الليل والنهار آيتان، فعلى هذه القراءة تأويل الكلام: وآية لهم القمر قدرناه منازل. وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض المدنيين وبعض البصريين، وعامة قراء الكوفة نصبا: والقمر قدرناه بمعنى: وقدرنا القمر منازل، كما فعلنا ذلك بالشمس، فردوه على الهاء من الشمس في المعنى، لان الواو التي فيها للفعل المتأخر.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، فتأويل الكلام: وآية لهم، تقديرنا القمر منازل للنقصان بعد تناهيه وتمامه واستوائه، حتى عاد كالعرجون القديم والعرجون: من العذق من الموضع النابت في النخلة إلى موضع الشماريخ وإنما شبهه جل ثناؤه بالعرجون القديم، والقديم هو اليابس، لان ذلك من العذق، لا يكاد يوجد إلا متقوسا منحنيا إذا قدم ويبس، ولا يكاد أن يصاب مستويا معتدلا، كأغصان سائر الأشجار وفروعها، فكذلك القمر إذا كان في آخر الشهر قبل استسراره، صار في انحنائه وتقوسه نظير ذلك العرجون. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22290 حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: حتى عاد كالعرجون القديم يقول: أصل العذق العتيق.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: حتى عاد كالعرجون القديم يعني بالعرجون: العذق اليابس.
22291 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم قال: كعذق النخلة إذا قدم فانحنى.
22292 حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: ثنا أبو يزيد الخراز، يعني خالد بن حيان الرقي، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم في قوله: حتى عاد كالعرجون القديم قال: عذق النخلة إذا قدم انحنى.