له قرب اشتباه الممثل أحدهما بصاحبه مع معرفة الممثل له الشيئين كليهما، أو أحدهما، ومعلوم أن الذين خوطبوا بهذه الآية من المشركين، لم يكونوا عارفين شجرة الزقوم، ولا برؤوس الشياطين، ولا كانوا رأوهما، ولا واحدا منهما؟.
قيل له: أما شجرة الزقوم فقد وصفها الله تعالى ذكره لهم وبينها حتى عرفوها ما هي وما صفتها، فقال لهم: شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين فلم يتركهم في عماء منها. وأما في تمثيله طلعها برؤوس الشياطين، فأقول لكل منها وجه مفهوم: أحدها أن يكون مثل ذلك برؤوس الشياطين على نحو ما قد جرى به استعمال المخاطبين بالآية بينهم وذلك استعمال الناس قد جرى بينهم في مبالغتهم إذا أراد أحدهم المبالغة في تقبيح الشئ، قال: كأنه شيطان، فذلك أحد الأقوال. والثاني أن يكون مثل برأس حية معروفة عند العرب تسمى شيطانا، وهي حية لها عرف فيما ذكر قبيح الوجه والمنظر، وإياه عنى الراجز بقوله:
عنجرد تحلف حين أحلف * كمثل شيطان الحماط أعرف ويروى عجيز. والثالث: أن يكون مثل نبت معروف برؤوس الشياطين ذكر أنه قبيح الرأس فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون يقول تعالى ذكره: فإن هؤلاء المشركين الذين جعل الله هذه الشجرة لهم فتنة، لآكلون من هذه الشجرة التي هي شجرة الزقوم، فمالئون من زقومها بطونهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم * ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم * إنهم ألفوا آباءهم ضالين * فهم على آثارهم يهرعون) *.
يقول تعالى ذكره: ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن لهؤلاء المشركين على ما يأكلون من هذه الشجرة شجرة الزقوم شوبا، وهو الخلط من قول العرب: شاب فلان