من الجحيم، قال: فهل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك:
تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين... الآيات..
وهذا التأويل الذي تأوله فرات بن ثعلبة يقوي قراءة من قرأ إنك لمن المصدقين بتشديد الصاد بمعنى: لمن المتصدقين، لأنه يذكر أن الله تعالى ذكره إنما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التصديق، وقراءة قراء الأمصار على خلاف ذلك، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدال، بمعنى: إنكار قرينه عليه التصديق أنه يبعث بعد الموت، كأنه قال:
أتصدق بأنك تبعث بعد مماتك، وتجزى بعملك، وتحاسب؟ يدل على ذلك قول الله:
أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون وهي القراءة الصحيحة عندنا التي لا يجوز خلافها لاجماع الحجة من القراء عليها.
وقوله: أئنا لمدينون يقول: أئنا لمحاسبون ومجزيون بعد مصيرنا عظاما ولحومنا ترابا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22523 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: أئنا لمدينون يقول: أئنا لمجازون بالعمل، كم تدين تدان.
22524 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أئنا لمدينون: أئنا لمحاسبون.
22525 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي أئنا لمدينون محاسبون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فاطلع فرآه في سواء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين) *.
يقول تعالى ذكره: قال هذا المؤمن الذي أدخل الجنة لأصحابه: هل أنتم مطلعون في النار، لعلي أرى قريني الذي كان يقول لي: إنك لمن المصدقين بأنا مبعوثون بعد الممات. وقوله: فاطلع فرآه في سواء الجحيم يقول: فاطلع في النار فرآه في وسط