موضع، ثم تستعملها في موضع آخر بخلاف ذلك، وليس ذلك بأبعد في القياس من الصحة من قولهم: رأيت بالهمز، ثم قالوا: فأنا أراه بترك الهمز لما جرى به استعمالهم، وما أشبه ذلك من الحروف التي تأتي في موضع على صورة، ثم تأتي بخلاف ذلك في موضع آخر للجاري من استعمال العرب ذلك بينها. وأما ما استشهد به من قول الشاعر: كما زعمت تلانا، فإن ذلك منه غلط في تأويل الكلمة وإنما أراد الشاعر بقوله: وصلينا كما زعمت تلانا: وصلينا كما زعمت أنت الآن، فأسقط الهمزة من أنت، فلقيت التاء من زعمت النون من أنت وهي ساكنة، فسقطت من اللفظ، وبقيت التاء من أنت، ثم حذفت الهمزة من الآن، فصارت الكلمة في اللفظ كهيئة تلان، والتاء الثانية على الحقيقة منفصلة من الآن، لأنها تاء أنت. وأما زعمه أنه رأى في المصحف الذي يقال له الامام التاء متصلة بحين، فإن الذي جاءت به مصاحف المسلمين في أمصارها هو الحجة على أهل الاسلام، والتاء في جميعها منفصلة عن حين، فلذلك اخترنا أن يكون الوقف على الهاء في قوله: ولات حين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب * أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب) *.
يقول تعالى ذكره: وعجب هؤلاء المشركون من قريش أن جاءهم منذر ينذرهم بأس الله على كفرهم به من أنفسهم، ولم يأتهم ملك من السماء بذلك وقال الكافرون هذا ساحر كذاب يقول: وقال المنكرون وحدانية الله: هذا، يعنون محمدا (ص)، ساحر كذاب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22831 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وعجبوا أن جاءهم منذر منهم يعني محمدا (ص) فقال الكافرون هذا ساحر كذاب.
22832 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله:
ساحر كذاب يعني محمدا (ص).
وقوله: أجعل الآلهة إلها واحدا يقول: وقال هؤلاء الكافرون الذين قالوا: محمد ساحر كذاب: أجعل محمد المعبودات كلها واحدا، يسمع دعاءنا جميعنا، ويعلم عبادة كل عابد عبده منا إن هذا لشئ عجاب: أي إن هذا لشئ عجيب، كما: