رضائي أحلكم دار كرامتي، فيفعل هذا بأهل كل درجة، حتى ينتهي إلى مجلسه. وسائر الحديث مثله.
فهذا القول الذي قاله محمد بن كعب، ينبئ عن أن سلام بيان عن قوله: ما يدعون، وأن القول خارج من السلام. وقوله: من رب رحيم يعني: رحيم بهم إذ لم يعاقبهم بما سلف لهم من جرم في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وامتازوا اليوم أيها المجرمون * ألم أعهد إليكم يبني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) *.
يعني بقوله: وامتازوا: تميزوا وهي افتعلوا، من ماز يميز، فعل يفعل منه: امتاز يمتاز امتيازا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22364 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وامتازوا اليوم أيها المجرمون قال: عزلوا عن كل خير.
22365 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، أن رسول الله (ص) قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، ثم يقول: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان... الآية، إلى قوله: هذه جهنم التي كنتم توعدون وامتازوا اليوم أيها المجرمون، فيتميز الناس ويجثون، وهي قول الله: وترى كل أمة... الآية.
فتأويل الكلام إذن: وتميزوا من المؤمنين اليوم أيها الكافرون بالله، فإنكم واردون غير موردهم، داخلون غير مدخلهم.
وقوله: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين، وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه منه، وهو: ثم يقال: ألم أعهد إليكم يا بني آدم، يقول: ألم أوصكم وآمركم في الدنيا أن لا تعبدوا الشيطان فتطيعوه في معصية الله إنه لكم عدو مبين يقول: وأقول لكم: إن الشيطان لكم عدو مبين، قد أبان لكم عداوته بامتناعه