لما بتشديد الميم. ولتشديدهم ذلك عندنا وجهان: أحدهما: أن يكون الكلام عندهم كان مرادا به: وإن كل لمما جميع، ثم حذفت إحدى الميمات لما كثرت، كما قال الشاعر:
غداة طفت علماء بكر بن وائل وعجنا صدور الخيل نحو تميم والآخر: أن يكونوا أرادوا أن تكون لما بمعنى إلا، مع إن خاصة فتكون نظيرة إنما إذا وضعت موضع إلا. وقد كان بعض نحويي الكوفة يقول: كأنها لم ضمت إليها ما، فصارتا جميعا استثناء، وخرجتا من حد الجحد. وكان بعض أهل العربية يقول:
لا أعرف وجه لما بالتشديد.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون * وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون) *.
يقول تعالى ذكره: ودلالة لهؤلاء المشركين على قدرة الله على ما يشاء، وعلى إحيائه من مات من خلقه وإعادته بعد فنائه، كهيئته قبل مماته إحياؤه الأرض الميتة، التي لا نبت فيها ولا زرع بالغيث الذي ينزله من السماء حتى يخرج زرعها، ثم اخراجه منها الحب الذي هو قوت لهم وغذاء، فمنه يأكلون.
وقوله: وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب يقول تعالى ذكره: وجعلنا في هذه الأرض التي أحييناها بعد موتها بساتين من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون يقول:
وأنبعنا فيها من عيون الماء. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون) *.
يقول تعالى ذكره: أنشأنا هذه الجنات في هذه الأرض ليأكل عبادي من ثمره، وما عملت أيديهم يقول: ليأكلوا من ثمر الجنات التي أنشأنا لهم، وما عملت أيديهم مما غرسوا