أهله. وقال آخر منهم: هذا من أفصح كلام العرب، وقال إنما إرادة الجدار: ميله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تراءى ناراهما " وإنما هو أن تكون نار ان كل واحدة من صاحبتها بموضع لو قام فيه إيسان رأى الأخرى في القرب، قال: وهو كقول الله عز وجل في الأصنام: (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) (1) قال: والعرب تقول: داري تنظر إلى دار فلان، تعني:
قرب ما بينهما، واستشهد بقول ذي الرمة في وصفه حوضا أو منزلا دارسا:
* قد كاد أو قد هم بالبيود * (2) قال: فجعله يهم، وإنما معناه: أنه قد تغير للبلى. والذي نقول به في ذلك أن الله عز ذكره بلطفه، جعل الكلام بين خلقه رحمة منه بهم، ليبين بعضهم لبعض عما في ضمائرهم.
مما لا تحسه أبصارهم، وقد عقلت العرب معنى القائل:
في مهمة قلقت به هاماتها * قلق الفؤوس إذا أردن نصولا (3) وفهمت أن الفؤوس لا توصف بما يوصف به بنو آدم من ضمائر الصدور مع وصفها إياهما بأنها تريد. وعلمت ما يريد القائل بقوله:
كمثل هيل النقا طاف المشاة به * ينهال حينا وينهاه الثرى حينا (4) وإنما لم يرد أن الثرى نطق، ولكنه أراد به أنه تلبد بالندى، فمنعه من الانهيال، فكان منعه إياه من ذلك كالنهي من ذوي المنطق فلا ينهال. وكذلك قوله: (جدارا يريد أن ينقض) قد علمت أن معناه: قد قارب من أن يقع أو يسقط، وإنما خاطب جل ثناؤه بالقرآن من أنزل الوحي بلسانه، وقد عقلوا ما عنى به وإن استعجم عن فهمه ذوو البلادة والعمى، وضل فيه ذوو الجهالة والغباء.
وقوله: (فأقامه) ذكر عن ابن عباس أنه قال: هدمه ثم قعد يبنيه.
17516 - حدثنا بذلك ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن