اللام وضم الدال وتخفيف النون. وقرأه عامة قراء الكوفة والبصرة بفتح اللام وضم الدال وتشديد النون. وقرأه بعض قراء الكوفة بإشمام اللام الضم وتسكين الدال وتخفيف النون، وكأن الذين شددوا النون طلبوا للنون التي في لدن السلامة من الحركة، وإذ كانت في الأصل ساكنة، ولو لم تشدد لتحركت، فشددوها كراهة منهم تحريكها، كما فعلوا في " من، وعن " إذ أضافوهما إلى مكني المخبر عن نفسه، فشددوهما، فقالوا مني وعني. وأما الذين خففوها، فإنهم وجدوا مكني المخبر عن نفسه في حال الخفض ياء وحدها لا نون معها، فأجروا ذلك من لدن على حسب ما جرى به كلامهم في لك مع سائر الأشياء غيرها.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما لغتان فصيحتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء بالقرآن، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن أعجب القراء تين إلى في ذلك قراءة من فتح اللام وضم الدال وشدد النون. لعلتين: إحداهما أنها أشهر اللغتين، والأخرى أن محمد بن نافع البصري:
17511 - حدثنا، قال: ثنا أمية بن خالد، قال: ثنا أبو الجارية العبدي، عن أبي إسحاق، عن سعد بن جبير، عن ابن عباس، أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (قد بلغت من لدني عذارا) مثقلة (1).
17512 - حدثني عبد الله بن زياد، قال: قال: ثنا حجاج بن محمد، عن حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية فقال: " استحيا في الله موسى ".
17513 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا بدل بن المحبر، قال: ثنا عباد بن راشد، قال: ثنا داود، في قول الله عز وجل (إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " استحيا في الله موسى عندها ".
* - حدثني عبد الله بن أبي زياد، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه، فقال ذات يوم: " رحمة الله علينا وعلى موسى، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب ولكنه قال: إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا " مثقلة (1). القول في تأويل قوله تعالى: