وإنما قيل له ذلك فيما بلغنا من أجل أنه وعد سائليه عن المسائل الثلاث اللواتي قد ذكرناها فيما مضى، اللواتي إحداهن المسألة عن أمر الفتية من أصحاب الكهف أن يجيبهم عنهن غد يومهم، ولم يستثن، فاحتبس الوحي عنه فيما قيل من أجل ذلك خمس عشرة، حتى حزنه إبطاؤه، ثم أنزل الله عليه الجواب عنهن، وعرف نبيه سبب احتباس الوحي عنه، وعلمه ما الذي ينبغي أن يستعمل في عداته وخبره عما يحدث من الأمور التي لم يأته من الله بها تنزيل، فقال: ولا تقولن يا محمد لشئ إني فاعل ذلك غدا كما قلت لهؤلاء الذين سألوك عن أمر أصحاب الكهف، والمسائل التي سألوك عنها، سأخبركم عنها غدا إلا أن يشاء الله. ومعنى الكلام: إلا أن تقول معه: إن شاء الله، فترك ذكر تقول اكتفاء بما ذكر منه، إذ كان في الكلام دلالة عليه. وكان بعض أهل العربية يقول: جائز أن يكون معنى قوله: إلا أن يشاء الله استثناء من القول، لا من الفعل كأن معناه عنده: لا تقولن قولا إلا أن يشاء الله ذلك القول، وهذا وجه بعيد من المفهوم بالظاهر من التنزيل مع خلافه تأويل أهل التأويل.
وقوله: واذكر ربك إذا نسيت اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم:
واستثن في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت ذلك في حال اليمين. ذكر من قال ذلك:
17329 - حدثنا محمد بن هارون الحربي، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا هشيم، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في الرجل يحلف، قال له: أن يستثني ولو إلى سنة، وكان يقول: واذكر ربك إذا نسيت في ذلك قيل للأعمش سمعته من مجاهد، فقال: ثني به ليث بن أبي سليم، يرى ذهب كسائي هذا.
17330 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء، ثم ذكرت فاستثن.
17331 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، في قوله:
واذكر ربك إذا نسيت قال: بلغني أن الحسن، قال: إذا ذكر أنه لم يقل: إن شاء الله، فليقل: إن شاء الله.