قال: حسبت أنه قال: كأنها أخفاف الربع، يعني الإبل الصغار، فقال له الفتى: أليس ملككم فلانا؟ قال: بل ملكنا فلان فلم يزل ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملك، فسأله، فأخبره الفتى خبر أصحابه، فبعث الملك في الناس، فجمعهم، فقال: إنكم قد اختلفتم في الروح والجسد، وإن الله قد بعث لكم آية، فهذا رجل من قوم فلان، يعني ملكهم الذي مضى، فقال الفتى: انطلقوا بي إلى أصحابي فركب الملك، وركب معه الناس حتى انتهوا إلى الكهف فقال الفتى دعوني أدخل إلى أصحابي، فلما أبصرهم ضرب على أذنه وعلى آذانهم فلما استبطؤوه دخل الملك، ودخل الناس معه، فإذا أجساد لا ينكرون منها شيئا، غير أنها لا أرواح فيها، فقال الملك: هذه آية بعثها الله لكم. قال قتادة: وعن ابن عباس، كان قد غزا مع حبيب بن مسلمة، فمروا بالكهف، فإذا فيه عظام، فقال رجل: هذه عظام أصحاب الكهف، فقال ابن عباس: لقد ذهبت عظامهم منذ أكثر من ثلاث مئة سنة.
17307 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما ذكر من حديث أصحاب الكهف، قال: ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له تيذوسيس فلما ملك بقي في ملكه ثمانيا وستين سنة، فتحزب الناس في ملكه، فكانوا أحزابا، فمنهم من يؤمن بالله، ويعلم أن الساعة حق، ومنهم من يكذب، فكبر ذلك على الملك الصالح تيذوسيس، وبكى إلى الله وتضرع إليه، وحزن حزنا شديدا لما رأى أهل الباطل يزيدون ويظهرون على أهل الحق ويقولون: لا حياة إلا الحياة الدنيا، وإنما تبعث النفوس، ولا تبعث الأجساد، ونسوا ما في الكتاب فجعل تيذوسيس يرسل إلى من يظن فيه خيرا، وأنهم أئمة في الحق، فجعلوا يكذبون بالساعة، حتى كادوا أن يحولوا الناس عن الحق وملة الحواريين فلما رأى ذلك الملك الصالح تيذوسيس، دخل بيته فأغلقه عليه، ولبس مسحا وجعل تحته رمادا، ثم جلس عليه، فدأب ذلك ليله ونهاره زمانا يتضرع إلى الله، ويبكي إليه مما يرى فيه الناس ثم إن الرحمن الرحيم الذي يكره هلكة العباد، أراد أن يظهر على الفتية أصحاب الكهف، ويبين للناس شأنهم، ويجعلهم آية لهم، وحجة عليهم، ليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن يستجيب لعبده الصالح تيذوسيس، ويتم نعمته عليه، فلا ينزع منه ملكه، ولا الايمان الذي أعطاه، وأن يعبد الله لا يشرك به شيئا، وأن يجمع من كان تبدد من المؤمنين، فألقى الله في نفس رجل من أهل ذلك البلد الذي به الكهف، وكان الجبل بنجلوس الذي فيه الكهف لذلك الرجل، وكان اسم ذلك الرجل أولياس، أن يهدم البنيان