وقد بينا معنى الأسف فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وهذه معاتبة من الله عز ذكره على وجده بمباعدة قومه إياه فيما دعاهم إليه من الايمان بالله، والبراءة من الآلهة والأنداد، وكان بهم رحيما.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17240 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا يعاتبه على حزنه عليهم حين فاته ما كان يرجو منهم: أي لا تفعل.
وقوله: إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها يقول عز ذكره: إنا جعلنا ما على الأرض زينة للأرض لنبلوهم أيهم أحسن عملا يقول: لنختبر عبادنا أيهم أترك لها وأتبع لأمرنا ونهينا وأعمل فيها بطاعتنا. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17241 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ح و حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ما على الأرض زينة لها قال: ما عليها من شئ.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
17242 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ذكر لنا أن نبي الله (ص) كان يقول: إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.
وأما قوله: لنبلوهم أيهم أحسن عملا فإن أهل التأويل قالوا في تأويله نحو قولنا فيه. ذكر من قال ذلك:
17243 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو عاصم العسقلاني، قال:
لنبلوهم أيهم أحسن عملا قال: أترك لها.