* - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما.
قال: وفي بعض القراءات: ولكن جعله قيما.
والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله ابن عباس، ومن قال بقوله في ذلك، لدلالة قوله: ولم يجعل له عوجا فأخبر جل ثناؤه أنه أنزل الكتاب الذي أنزله إلى محمد (ص) قيما مستقيما لا اختلاف فيه ولا تفاوت، بل بعضه يصدق بعضا، وبعضه يشهد لبعض، لا عوج فيه، ولا ميل عن الحق، وكسرت العين من قوله عوجا لان العرب كذلك تقول في كل اعوجاج كان في دين، أو فيما لا يرى شخصه قائما، فيدرك عيانا منتصبا كالعوج في الدين، ولذلك كسرت العين في هذا الموضع، وكذلك العوج في الطريق، لأنه ليس بالشخص المنتصب. فأما ما كان من عوج في الاشخاص المنتصبة قياما، فإن عينها تفتح كالعوج في القناة، والخشبة، ونحوها. وكان ابن عباس يقول في معنى قوله ولم يجعل له عوجا: ولم يجعل له ملتبسا. ذكر من قال ذلك:
17229 - حدثنا علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس ولم يجعل له عوجا قيما ولم يجعل له ملتبسا.
ولا خلاف أيضا بين أهل العربية في أن معنى قوله قيما وإن كان مؤخرا، التقديم إلى جنب الكتاب. وقيل: إنما افتتح جل ثناؤه هذه السورة بذكر نفسه بما هو له أهل، وبالخبر عن إنزال كتابه على رسوله إخبارا منه للمشركين من أهل مكة، بأن محمدا رسوله (ص)، وذلك أن المشركين كانوا سألوا رسول الله (ص) عن أشياء علمهموها اليهود من قريظة والنضير، وأمروهم بما سألتهموه عنها، وقالوا: إن أخبركم بها فهو نبي، وإن لم يخبركم بها فهو منقول، فوعدهم رسول الله (ص) للجواب عنها موعدا، فأبطأ الوحي عنه بعض الابطاء، وتأخر مجئ جبرائيل عليه السلام عنه عن ميعاده القوم، فتحدث المشركون بأنه أخلفهم موعده، وأنه متقول، فأنزل الله هذه السورة جوابا عن مسائلهم، وافتتح أولها بذكره، وتكذيب المشركين في أحدوثتهم التي تحدثوها بينهم. ذكر من قال ذلك:
1723 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال:
ثني شيخ من أهل مصر، قدم منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرمة، عن ابن عباس فيما يروي أبو جعفر الطبري قال: بعثت قريش النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط إلى