* (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) *.
يقول تعالى ذكره: وما كان ربك يا محمد ليهلك القرآن التي أهلكها، التي قص عليك نبأها، ظلما وأهلها مصلحون في أعمالهم، غير مسيئين، فيكون إهلاكه إياهم مع إصلاحهم في أعمالهم وطاعتهم ربهم ظلما، ولكنه أهلكها بكفر أهلها بالله وتماديهم في غيهم وتكذيبهم رسلهم وركوبهم السيئات. وقد قيل: معنى ذلك لم يكن ليهلكهم بشركهم بالله، وذلك قوله بظلم، يعني: بشرك، وأهلها مصلحون فيما بينهم لا يتظالمون، ولكنهم يتعاطون الحق بينهم وإن كانوا مشركين، وإنما يهلكهم إذا تظالموا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ئ إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) *.
يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربك يا محمد لجعل الناس كلها جماعة واحدة على ملة واحدة ودين واحد. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة يقول: لجعلهم مسلمين كلهم.
وقوله: ولا يزالون مختلفين يقول تعالى ذكره: ولا يزال الناس مختلفين، إلا من رحم ربك.
ثم اختلف أهل التأويل في الاختلاف الذي وصف الله الناس أنهم لا يزالون به فقال بعضهم: هو الاختلاف في الأديان. فتأويل ذلك على مذهب هؤلاء ولا يزال الناس مختلفين على أديان شتى من بين يهودي ونصراني ومجوسي، ونحو ذلك. وقال قائل هذه المقالة: استثنى الله من ذلك من رحمهم، وهم أهل الايمان. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء:
ولا يزالوا مختلفين قال: اليهود والنصارى والمجوس. والحنيفية هم الذين رحم ربك.
حدثني المثنى، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن