ومعناه: المكسو. وقال بعض نحويي البصرة: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم على: لكن من رحم، ويجوز أن يكون على: لا ذا عصمة: أي معصوم، ويكون إلا من رحم رفعا بدلا من العاصم. ولا وجه لهذه الأقوال التي حكيناها عن هؤلاء، لان كلام الله تعالى إنما يوجه إلى الأفصح الأشهر من كلام من نزل بلسانه ما وجد إلى ذلك سبيل، ولم يضطرنا شئ إلى أن نجعل عاصما في معنى معصوم، ولا أن نجعل إلا بمعنى لكن، إذ كنا نجد لذلك في معناه الذي هو معناه في المشهور من كلام العرب مخرجا صحيحا، وهو ما قلنا من أن معنى ذلك: قال نوح: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحمنا فأنجانا من عذابه، كما يقال: لا منجي اليوم من عذاب الله إلا الله، ولا مطعم اليوم من طعام زيد إلا زيد. فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم.
وقوله: وحال بينهما الموج فكان من المغرقين يقول: وحال بين نوح موج الماء، فغرق، فكان ممن أهلكه الله بالغرق من قوم نوح (ص). القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين) *.
يقول الله تعالى ذكره: وقال الله للأرض بعد ما تناهى أمره في هلاك قوم نوح بما أهلكهم به من الغرق: يا أر ض ابلعي ماءك: أي تشربي، من قول القائل: بلع فلان كذا يبلعه، أو بلعه يبلعه إذا ازدرده. ويا سماء اقلعي يقول: أقلعي عن المطر: أمسكي.
وغيض الماء ذهبت به الأرض ونشفته. وقضي الامر يقول: قضي أمر الله، فمضي بهلاك قوم نوح. واستوت على الجودي يعني الفلك. استوت: أرست على الجودي، وهو جبل فيما ذكر بناحية الموصل أو الجزيرة. وقيل بعدا للقوم الظالمين يقول: قال الله: أبعد الله القوم الظالمين الذين كفروا بالله من قوم نوح.
حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: ثنا المحاربي، عن عثمان بن مطر، عن عبد العزيز بن عبد الغفور عن أبيه، قال: قال رسول الله (ص): في أول يوم من رجب ركب نوح السفينة فصام هو وجميع من معه، وجرت بهم السفينة ستة أشهر، فانتهى