غرا، عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ: ما هذا بشرى: أي ما هذا بمشترى، يريد بذلك أنهن أنكرن أن يكون مثله مستعبدا يشتري ويباع. وهذا لقراءة لا أستجيز القراءة بها لاجماع قراء الأمصار على خلافها. وقد بينا أن ما أجمعت عليه فغير جائز خلافها فيه. وأما نصب البشر، فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا الباء من الخبر نصبوه، فقالوا: ما عمرو قائما. وأما أهل نجد، فإن من لغتهم رفعه، يقولون: ما عمرو قائم ومنه قول بعضهم حيث يقول:
لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي * جميعا، فما هذان مستويان تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى * وكل فتى والموت يلتقيان وأما القرآن، فجاء بالنصب في كل ذلك، لأنه نزل بلغة أهل الحجاز.
وقوله: إن هذا إلا ملك كريم يقول: قلن ما هذا إلا ملك من الملائكة. كما: [/ رق] حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: إن هذا إلا ملك كريم قال: قلن: ملك من الملائكة.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين) *.
يقول تعالى ذكره: قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي قطعن أيديهن، فهذا الذي أصابكن في رؤيتكن إياه وفي نظر منكن نظرتن إليه ما أصابكن من ذهاب العقل وغروب الفهم ولها إليه حتى قطعتن أيديكن، هو الذي لمتنني في حبي إياه وشغف فؤادي به، فقلتن: قد شغف امرأة العزيز فتاها حبا إنا لنراها في ضلال مبين. ثم أقرت لهن بأنها قد راودته عن نفسه، وأن الذي تحدثن به عنها في أمره حق، فقالت: ولقد راودته عن نفسه فاستعصم مما راودته عليه من ذلك.