مختلفين في أديانهم وأهوائهم على أديان وملل وأهواء شتى، إلا من رحم ربك فآمن بالله وصدق رسله، فإنهم لا يختلفون في توحيد الله وتصديق رسله وما جاءهم من عند الله.
وإنما قلت ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك، لان الله جل ثناؤه أتبع ذلك قوله:
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ففي ذلك دليل واضح أن الذي قبله من ذكر خبره عن اختلاف الناس، إنما هو خبر عن اختلاف مذموم يوجب لهم النار، ولو كان خبرا عن اختلافهم في الرزق لم يعقب ذلك بالخبر عن عقابهم وعذابهم.
وأما قوله: ولذلك خلقهم فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم:
معناه: وللاختلاف خلقهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن: ولذلك خلقهم قال: للاختلاف.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا منصور بن عبد الرحمن، قال: قلت للحسن، ولذلك خلقهم؟ فقال: خلق هؤلاء لجنته وخلق هؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته وخلق هؤلاء لعذابه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عليه، عن منصور، عن الحسن، مثله.
حدثني المثنى، قال: ثنا المعلى بن أسد، قال: ثنا عبد العزيز، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الحسن. بنحوه.
قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن خالد الحذاء، أن الحسن قال في هذه الآية: ولذلك خلقهم قال: خلق هؤلاء لهذه، وخلق هؤلاء لهذه.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا هوذة بن خليفة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، قال: ولذلك خلقهم قال: أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافا يضرهم.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ولذلك خلقهم قال: خلقهم فريقين: فريقا يرحم فلا يختلف، وفريقا لا يرحم يختلف، وذلك قوله: فمنهم شقي وسعيد.