وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قال إن الله أرى الملك في منامه رؤيا هالته، فرأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات. فجمع السحرة والكهنة والحزاة والقافة، فقصها عليهم. فقالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم إن الملك الريان بن الوليد رأى رؤياه التي رأى، فهالته، وعرف أنها رؤيا واقعة، ولم يدر ما تأويلها فقال للملا حوله من أهل مملكته: إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف...
إلى قوله: بعالمين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) *.
يقول تعالى ذكره: قال الملا الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه: رؤياك هذه أضغاث أحلام يعنون أنها أخلاط رؤيا كاذبة لا حقيقة لها وهي جمع ضغث، والضغث:
أصله الحزمة من الحشيش، يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها. والأحلام جمع حلم، وهو ما لم يصدق من الرؤيا، ومن الأضغاث قول ابن مقبل:
خود كأن فراشها وضعت به * أضغاث ريحان غداة شمال ومنه قول الآخر:
يحمي ذمار جنين قل مانعه طاو * كضغث الخلا في البطن مكتمن