وقال آخرون: المستقر: في الرحم، والمستودع: حيث تموت. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي ويعلى بن فضيل، عن إسماعيل، عن إبراهيم، عن عبد الله: ويعلم مستقرها ومستودعها قال: مستقرها: الأرحام، ومستودعها: الأرض التي تموت فيها.
قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله: ويعلم مستقرها ومستودعها المستقر: الرحم، والمستودع. المكان الذي تموت فيه.
وقال آخرون مستقرها: أيام حياتها ومستودعها: حيث تموت فيه. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، قال:
أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قوله: ويعلم مستقرها ومستودعها قال:
مستقرها: أيام حياتها، ومستودعها: حيث تموت ومن حيث تبعث.
وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لان الله جل ثناؤه أخبر أن ما رزقت الدواب من رزق فمنه، فأولى أن يتبع ذلك أن يعلم مثواها ومستقرها دون الخبر عن علمه بما تضمنته الأصلاب والأرحام.
ويعني بقوله: كل في كتاب مبين عدد كل دابة، ومبلغ أرزاقها وقدر قرارها في مستقرها، ومدة لبثها في مستودعها، كل ذلك في كتاب عند الله مثبت مكتوب مبين، يبين لمن قرأه أن ذلك مثبت مكتوب قبل أن يخلقها ويوجدها. وهذا إخبار من الله جل ثناؤه الذين كانوا يثنون صدورهم ليستخفوا منه أنه قد علم الأشياء كلها، وأثبتها في كتاب عنده قبل أن يخلقها ويوجدها يقول لهم تعالى ذكره: فمن كان قد علم ذلك منهم قبل أن يوجدهم، فكيف يخفى عليه ما تنطوي عليه نفوسهم إذا ثنوا به صدورهم واستغشوا عليه ثيابهم؟ القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) *.
يقول تعالى ذكره: الله الذي إليه مرجعكم أيها الناس جميعا هو الذي خلق