وقوله: أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار يقول: أعبادة أرباب شتى متفرقين وآلهة لا تنفع ولا تضر خير، أم عبادة المعبود الواحد الذي لا ثاني له في قدرته وسلطانه، الذي قهر كل شئ فذلله وسخره فأطاعه طوعا وكرها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون... إلى قوله: لا يعلمون لما عرف نبي الله يوسف أن أحدهما مقتول دعاهما إلى حظهما من ربهما وإلى نصيبهما من آخرتهما.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: يا صاحبي السجن يوسف يقوله.
قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم دعاهما إلى الله وإلى الاسلام، فقال: يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار:
أي خير أن تعبدوا إلها واحدا، أو آلهة متفرقة لا تغني عنكم شيئا؟. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *.
يعني بقوله: ما تعبدون من دونه: ما تعبدون من دون الله. وقال: ما تعبدون وقد ابتدأ الخطاب بخطاب اثنين فقال: يا صاحبي السجن لأنه قصد المخاطب به ومن هو على الشرك بالله مقيم من أهل مصر، فقال للمخاطب بذلك: ما تعبد أنت ومن هو على مثل ما أنت عليه من عبدة الأوثان إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم، وذلك تسميتهم أوثانهم آلهة أربابا، شركا منهم وتشبيها لها في أسمائها التي سموها بها بالله، تعالى عن أن يكون له مثل أو شبيه. ما أنزل الله بها من سلطان يقول: سموها بأسماء لم يأذن لهم