من العيش، وينسي صروفها ونكد العوارض فيها، ويدع طلب النعيم الذي يبقي والسرور الذي يدوم فلا يزول.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قوله: ذهب السيئات عني غرة بالله وجراءة عليه. إنه لفرح والله لا يحب الفرحين، فخور بعد ما أعطي الله، وهو لا يشكر الله.
ثم استثني جل ثناؤه من الانسان الذي وصفه بهاتين الصفتين الذين صبروا وعملوا الصالحات. وإنما جاز استثناؤهم منه لان الانسان بمعنى الجنس ومعنى الجمع، وهو كقوله: والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فقال تعالى ذكره: إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات، فإنهم إن تأتهم شدة من الدنيا وعسرة فيها لم يثنهم ذلك عن طاعة الله، ولكنهم صبروا لامره وقضائه، فإن نالوا فيها رخاء وسعة شكروه وأدوا حقوقه بما أتاهم منها. يقول الله: أولئك لهم مغفرة يغفرها لهم، ولا يفضحهم بها في معادهم. وأجر كبير يقول: ولهم من الله مع مغفرة ذنوبهم ثواب على أعمالهم الصالحة التي عملوها في دار الدنيا جزيل، وجزاء عظيم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: إلا الذين صبروا عند البلاء وعملوا الصالحات عند النعمة، لهم مغفرة لذنوبهم، وأجر كبير.
قال: الجنة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شئ وكيل) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): فلعلك يا محمد تارك بعض ما يوحي إليك ربك أن تبلغه من أمرك بتبليغه ذلك، وضائق بما يوحي إليك صدرك فلا تبلغه إياهم مخافة أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك له مصدق بأنه لله رسول. يقول تعالى ذكره:
فبلغهم ما أوحيته إليك، فإنك إنما أنت نذير تنذرهم عقابي وتحذرهم بأسي على كفرهم بي، وإنما الآيات التي يسألونكها عندي وفي سلطاني أنزلها إذا شئت، وليس عليك إلا