حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع.... الآية، هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن، فأما الكافر فصم عن الحق فلا يسمعه وعمي عنه فلا يبصره. وأما المؤمن فسمع الحق فانتفع به وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به.
يقول تعالى: هل يستويان مثلا يقول: هل يستوي هذان الفريقان على اختلاف حالتيهما في أنفسهما عندكم أيها الناس؟ فإنهما لا يستويان عندكم، فكذلك حال الكافر والمؤمن لا يستويان عند الله. أفلا تذكرون يقول جل ثناؤه: أفلا تعتبرون أيها الناس وتتفكرون، فتعلموا حقيقة اختلاف أمريهما، فتنزجروا عما أنتم عليه من الضلال إلى الهدى ومن الكفر إلى الايمان؟ فالأعمى والأصم والبصير والسميع في اللفظ أربعة، وفي المعنى اثنان، ولذلك قيل: هل يستويان مثلا وقيل: كالأعمى والأصم، والمعنى: كالأعمى الأصم، وكذلك قيل: والبصير والسميع، والمعنى: البصير السميع، كقول القائل: قام الظريف والعاقل، وهو ينعت بذلك شخصا واحدا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين) *. أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم أيها القوم نذير من الله أنذركم بأسه على كفركم به، فآمنوا به وأطيعوا أمره. ويعني بقوله: مبين: يبين لكم عما أرسل به إليكم من أمر الله ونهيه.
واختلفت القراء في قراءة قوله: إني فقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين بكسر إن على وجه الابتداء، إذ كان في الارسال معنى القول. وقرأ ذلك بعض قراء أهل المدينة والكوفة والبصرة بفتح أن على إعمال الارسال فيها، كأن معنى الكلام عندهم:
لقد أرسلنا نوحا إلى قومه بأني لكم نذير مبين.
والصواب من القول في ذلك عندي، أن يقال: إنهما قراءتان متفقتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء فبأيتهما قرأ القارئ كان مصيبا للصواب في ذلك.
وقوله: أن لا تعبدوا إلا الله فمن كسر الألف في قوله: إني جعل قوله:
أرسلنا عاملا في أن التي في قوله: أن لا تعبدوا إلا الله ويصير المعنى حينئذ: