أهل الشام: فلا تسألن بتشديد النون وفتحها، بمعنى: فلا تسألن يا نوح ما ليس لك به علم.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا تخفيف النون وكسرها، لان ذلك هو الفصيح من كلام العرب المستعمل بينهم. القول في تأويل قوله تعالى:
قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا نبيه محمدا (ص) عن إنابة نوح عليه السلام بالتوبة إليه من زلته في مسألته التي سألها ربه في ابنه قال رب إني أعوذ بك أي أستجير بك أن أتكلف مسألتك، ما ليس لي به علم مما قد استأثرت بعلمه وطويت علمه عن خلقك، فاغفر لي زلتي في مسألتي إياك ما سألتك في ابني، وإن أنت لم تغفرها لي وترحمني فتنقذني من غضبك أكن من الخاسرين يقول: من الذين غبنوا أنفسهم حظوظها وهلكوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قيل ينوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم) *.
يقول تعالى ذكره: يا نوح اهبط من الفلك إلى الأرض بسلام منا يقول: بأمن منا أنت ومن معك من إهلاكنا، وبركات عليك يقول: وبركات عليك، وعلى أمم ممن معك يقول: وعلى قرون تجئ من ذرية من معك من ولدك، فهؤلاء المؤمنون من ذرية نوح الذين سبقت لهم من الله السعادة وبارك عليهم قبل أن يخلقهم في بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم. ثم أخبر تعالى ذكره نوحا عما هو فاعل بأهل الشقاء من ذريته، فقال له:
وأمم يقول: وقرون وجماعة، سنمتعهم في الحياة في الدنيا يقول: نرزقهم فيها ما يتمتعون به إلى أن يبلغوا آجالهم. ثم يمسهم منا عذاب أليم يقول: ثم نذيقهم إذا وردوا علينا عذابا مؤلما موجعا.