وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يوسف سينبأهم بصنيعهم به وهم لا يشعرون أنه يوسف. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: وهم لا يشعرون يقول: وهم لا يشعرون أنه يوسف.
حدثني الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا صدقة بن عبادة الأسدي، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: لما دخل إخوة يوسف فعرفهم وهم له منكرون، قال: جئ بالصواع فوضعه على يده، ثم نقره فطن فقال: إنه ليخبرني في هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف يدنيه دونكم، وإنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب قال: ثم نقره فطن فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدم كذب. قال:
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم. قال ابن عباس: فلا نرى هذه اية نزلت إلا فيهم: لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وجاؤوا أباهم عشاء يبكون ئ قالوا يأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) *.
يقول جل ثناؤه: وجاء إخوة يوسف أباهم بعد ما ألقوا يوسف في غيابة الجب عشاء يبكون. وقيل: إن معنى قوله: نستبق ننتضل من السباق. كما:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: أقبلوا على أبيهم عشاء يبكون. فلما سمع أصواتهم فزع وقال: ما لكم يا بني؟ هل أصابكم في غنمكم شئ؟ قالوا: لا قال: فما فعل يوسف؟ قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته وقال:
أين القميص؟ فجاؤوه بالقميص عليه دم كذب، فأخذ القميص فطرحه على وجهه، ثم بكى حتى تخضب وجهه من دم القميص.
وقوله: وما أنت بمؤمن لنا يقولون: وما أنت بمصدقنا على قيلنا إن يوسف أكله الذئب ولو كنا صادقين. كما:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: