يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه: فإن تولوا يقول: فإن أدبروا معرضين عما أدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الأوثان، فقد أبلغتكم أيها القوم ما أرسلت به إليكم وما على الرسول إلا البلاغ. ويستخلف ربي قوما غيركم يهلككم ربي، ثم يستبدل ربي منكم قوما غيركم يوحدونه ويخلصون له العبادة. ولا تضرونه شيئا يقول: ولا تقدرون له على ضر إذا أراد إهلاككم أو أهلككم. وقد قيل: لا يضره هلاككم إذا أهلككم لا تنقصونه شيئا، لأنه سواء عنده كنتم أو لم تكونوا. إن ربي على كل شئ حفيظ يقول: إن ربي على جميع خلقه ذو حفظ وعلم، يقو: هو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء. القول في تأويل قوله تعالى: * ( ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ) *.
يقول تعالى ذكره: ولما جاء قوم هود عذابنا نجينا منه هودا والذين آمنوا بالله معه برحمة منا يعني بفضل منه عليهم ونعمة، ونجيناهم من عذاب غليظ يقول:
نجيناهم أيضا من عذاب غليظ يوم القيامة، كما نجيناهم في الدنيا من السخطة التي أنزلتها بعاد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد) *.
يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين أحللنا بهم نقمتنا وعذابنا عاد، جحدوا بأدلة الله وحججه، وعصوا رسله الذين أرسلهم إليهم للدعاء إلى توحيده واتباع أمره، واتبعوا أمر كل جبار عنيد يعني كل مستكبر على الله، حائد عن الحق لا يذعن له ولا يقبله، يقال منه:
عند عن الحق فهو يعند عنودا، والرجل عاند وعنود، ومن ذلك قيل للعرق الذي ينفجر فلا يرقأ: عرق عاند: أي ضار، ومنه قول الراجز:
إني كبير لا أطيق العندا