للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين) *.
وقوله: ولا أقول لكم عندي خزائن الله عطف على قوله: ويا قوم لا أسألكم عليه أجرا ومعنى الكلام: ويا قوم لا أسألكم عليه أجرا، ولا أقول لكم عندي خزائن الله التي لا يفنيها شئ، فأدعوكم إلى اتباعي عليها. ولا أعلم أيضا الغيب يعني ما خفي من سرائر العباد، فإن ذلك لا يعلمه إلا الله، فأدعي الربوبية وأدعوكم إلى عبادتي. ولا أقول أيضا إني ملك من الملائكة أرسلت إليكم، فأكون كاذبا في دعواي ذلك، بل أنا بشر مثلكم كما تقولون، أمرت بدعائكم إلى الله، وقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم. ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا يقول: ولا أقول للذين اتبعوني وآمنوا بالله ووحدوه الذين تستحقرهم أعينكم، وقلتم إنهم أراذلكم: لن يؤتيكم الله خيرا، وذلك الايمان بالله. الله أعلم بما في أنفسهم يقول: الله أعلم بضمائر صدورهم واعتقاد قلوبهم، وهو ولي أمرهم في ذلك، وإنما لي منهم ما ظهر وبدا، وقد أظهروا الايمان بالله واتبعوني، فلا أطردهم ولا أستحل ذلك. إني إذا لمن الظالمين يقول: إني إن قلت لهؤلاء الذين أظهروا الايمان بالله وتصديقي: لن يؤتيهم الله خيرا، وقضيت على سرائرهم بخلاف ما أبدته ألسنتهم لي على غير علم مني بما في نفوسهم وطردتهم بفعلي ذلك، لمن الفاعلين ما ليس لهم فعله المعتدين ما أمرهم الله به وذلك هو الظلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ولا أقول لكم عندي خزائن الله التي لا يفنيها شئ، فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها. ولا أقول إني ملك نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم.
ولا أعلم الغيب ولا أقول اتبعوني على علم الغيب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا ينوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) *.
يقول تعالى ذكره: قال قوم نوح لنوح عليه السلام: قد خاصمتنا فأكثرت خصومتنا،