حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: إني أراكم بخير قال يعني خير الدنيا وزينتها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إني أراكم بخير أبصر عليهم قشرا من قشر الدنيا وزينتها.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: إني أراكم بخير قال: في دنياكم، كما قال الله تعالى: إن ترك خيرا سماه خيرا لان الناس يسمون الماء خيرا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما أخبر الله عن شعيب أنه قال لقومه، وذلك قوله:
إني أراكم بخير يعني بخير الدنيا. وقد يدخل في خير الدنيا المال وزينة الحياة الدنيا ورخص السعر، ولا دلالة على أنه عني بقيله ذلك بعض خيرات الدنيا دون بعض، فذلك على كل معاني خيرات الدنيا التي ذكر أهل العلم أنهم كانوا أوتوها. وإنما قال ذلك شعيب، لان قومه كانوا في سعة من عيشهم ورخص من أسعارهم كثيرة أموالهم، فقال لهم: لا تنقصوا الناس حقوقهم في مكاييلكم وموازينكم، فقد وسع الله عليكم رزقكم، وإني أخاف عليكم بمخالفتكم أمر الله وبخسكم الناس أموالهم في مكاييلكم وموازينكم عذاب يوم محيط يقول: أن ينزل بكم عذاب يوم محيط بكم عذابه. فجعل المحيط نعتا لليوم، وهو من نعت العذاب، إذ كان مفهوما معناه، وكان العذاب في اليوم، فصار كقولهم جبتك محترقة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويقوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل شعيب لقومه: أوفوا الناس الكيل والميزان بالقسط، يقول: بالعدل، وذلك بأن توفوا أهل الحقوق التي هي مما يكال أو يوزن حقوقهم على ما وجب لهم من التمام بغير بخس ولا نقص.